نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت تحقيقاً صحافياً عما أسمته “هروب الأدمغة التقنية” من إسرائيل. وقالت الصحيفة إن نسبة المصانع الإسرائيلية التي لديها أنشطة إنتاجية في الخارج، قفزت في العقد الأخير من نحو 16% عام 2005 إلى 28% عام 2016. ونقلت عن رئيس اتحاد الصناعيين شارغا بروش قوله إن “البيروقراطية والقوانين الإجرائية تجعل الإنتاج في إسرائيل أقل جدوى من الإنتاج في الخارج”. فهل هذا مؤشر على وهن بدأ يصيب الاقتصاد الإسرائيلي؟
أوضح الباحث في الشؤون الإسرائيلية أنطوان شلحت لـ”روسيا الآن” أن هجرة الصناعات الإسرائيلية إلى الخارج ظاهرة آخذة في التفاقم منذ عدة سنوات، وأهم سبب يقف وراءها هو السعي لخفض تكلفة الإنتاج، وتترتب عليها تأثيرات سلبية في سوق التشغيل، ولا سيما في ما يسمى مناطق الأطراف حيث تسود نسبة بطالة تفوق معدلات البطالة في إسرائيل عمومًا”. ورأى شلحت أن “التحذير” الذي أطلقه رئيس اتحاد الصناعيين يمثل مؤشرًا إلى استمرار هذه الظاهرة في ظل تقاعس الحكومة التي لا تعمل على كبحها، لافتاً إلى أن “الهجرة” المذكورة ناجمة بالأساس عن البيروقراطية وعن مساعي البحث عن قوة عمل رخيصة.
يُذكر أن أداء الاقتصاد الإسرائيلي ما زال جيداً رغم التراجع الطفيف في نسبة النمو التي حققها عام 2017 مقارنة بما كانت عليه عام 2016 ولا سيما أن الصادرات الإسرائيلية ارتفعت خلال 2017 بـ5%، مقارنة بسنة 2016، وزادت قيمتها عن 100 مليار دولار. وأظهرت بيانات وزارة الدفاع الإسرائيلية أن حجم الصادرات العسكرية الإسرائيلية، خلال سنة 2017، بلغ 9.2 مليار دولار، وهو ما يشكل ارتفاعًا بنسبة 40% مقارنة بسنة 2016.
هذه القفزة في الصادرات العسكرية، تحمل دلالة واضحة وتؤشر إلى الاهتمام الكبير الذي توليه الحكومة الاسرائيلية للجانب العسكري والأمني على حساب الجانب المدني الاجتماعي. في هذا السياق قال شلحت لموقعنا إن “المساواة والعدالة الاجتماعية ليستا من أولويّات الحكومة التي تعوّل على النمو الاقتصادي العام باعتبار أن ثمار النمو تظهر تباعاً على فئات المجتمع”. وأضاف أن “النفقات المدنية للحكومة لا تتجاوز نسبة 30% من الناتج المحلي الإجمالي فيما تبدو النفقات الأمنية مرتفعة جدًا، مقارنة بدول الغرب”.
تبقى الإشارة إلى أن هجرة الصناعيين إلى خارج الكيان الإسرائيلي لم تتسبّب بعد بضرر جادّ للاقتصاد الإسرائيلي الكلّي (الـmacro ) لكن استمرارها قد يحمل أضراراَ حقيقية. فأحدث تقرير لمنظمة التعاون والتنمية الصادر في آذار 2018 عرض معطيات تشير إلى ازدهار اقتصادي وتطور لصناعة الهاي-تك Hi Tech، تؤكده الأخبار الواردة من كبرى الشركات العالمية وأبرزها “إنتل” intel التي قالت إنها تنوي استثمار 5 مليارات دولار في مصنعها داخل الكيان الإسرائيلي.