ما سر تنفيذ أشقاء عمليات إرهابية؟


نشرت وكالة الانباء الفرنسية تقريراً لمحررها عماد بنسعيد حول الهجمات الارهابية حيث اشار الى ان الهجمات الإرهابية الأكثر استعراضية المرتكبة في السنوات الأخيرة منذ اعتداءات أيلول/ سبتمبر، مرورا بتفجيرات مدريد وحتى العمليات الإرهابية التي شهدتها بروكسل هذا الأسبوع، تشترك في نقاط عدة أولها أن العناصر التي ارتكبتها تربط بينها علاقات قرابة قوية، فأغلب هذه الاعتداءات قام أو شارك في تنفيذها أشقاء.

فما الذي يفسر ذلك؟ وهل توجد أسباب موضوعية تفسر ظاهرة تحول روابط الدم بين الأشقاء إلى رابطة جهادية؟

المتأمل في قائمة الجهاديين الذين نفذوا أو شاركوا في الإعداد لأعنف الهجمات الإرهابية في العالم، منذ اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001 التي نفذها تنظيم القاعدة وصولا إلى تفجيرات بروكسل الثلاثاء الماضي (22 مارس/آذار) التي تبناها تنظيم “الدولة الإسلامية”، يلاحظ أن أشقاء اشتركوا في تنفيذ هذه الاعتداءات الدموية.

فاعتداءات 11 سبتمبر/أيلول بالولايات المتحدة، شارك فيها ثلاثة أزواج من الإخوة الأشقاء يحملون جميعهم الجنسية السعودية، وكان من بين الانتحاريين الذين نفذوا تفجيرات قطارات مدريد في 11 مارس/أذار 2004 شقيقان من أصول مغربية، والأخوان الأمريكيان من أصول شيشانية تيمورلنك وجوهر تسارناييف نفذا تفجيرات مارثون بوسطن في 15 نيسان/أبريل 2013، والأخوان كواشي ارتكبا في 7 يناير/كانون الثاني 2015 الهجوم على أسبوعية “شارلي إيبدو” الساخرة بباريس، والأخوان إبراهيم وصلاح عبد السلام متورطان في اعتداءات باريس الأخيرة، ومؤخرا الأخوان البكراوي اللذان فجرا نفسيهما بمطار بروكسل ومحطة المترو مالبيك بالحي الأوروبي.

ولأن اختلفت التنظيمات التي عملت تحت لوائها هذه العناصر الإرهابية، من القاعدة إلى القاعدة في اليمن إلى تنظيم “الدولة الإسلامية”، فإن رابطة القرابة والدم بين هذه العناصر واحدة. ويبدو السيناريو وكأنه يعاد في كل مرة: أشقاء نسقوا واشتركوا في ارتكاب اعتداءات دموية عنيفة.

روابط أسرية قوية ومطمئنة

غالبا ما تراهن التنظيمات الإرهابية على طابع السرية والثقة التي تربط بين عناصرها منذ مرحلة تنظيم خليات التجنيد وحتى النسيج الذي يكوّن قياداتها.

نفس مبدأ الثقة والسرية يتوفر في صلب العلاقات داخل الأسر، فالعلاقات بين الأشقاء غالبا ما تتميز بالثقة لأنهم غالبا ما يتقاسمون نفس نمط الحياة والظروف الاجتماعية والثقافية وحتى الاقتصادية .

الأشقاء لديهم تكوين نفسي متشابه

الخبير النفسي التونسي وحيد قوبعة يرى أن تفسير علم النفس لهذه الظاهرة يفسر بأن الأشقاء لديهم تكوينا نفسيا واحدا أو متشابه لدرجة كبيرة. وغالبا ما يتقاسم الأخوة نفس المبادئ ويتلقون نفس التربية ويملكون نفس القيم والمعتقدات وبالتالي قد يدافعون بنفس الشراسة على المبادئ والقضايا التي يؤمنون بها. ولذلك فإن إمكانية تأثير أحد الأشقاء على البعض الآخر تكون أيسر وأكثر فاعلية وبالتالي تصبح العلاقة بينهم مبنية على درجة أكبر من الانصهار.

وفي حال تمكنت المنظمات الجهادية من استقطاب أحد أفراد العائلة فمن الطبيعي أن يجر هذا العنصر معه الشخص الأقرب إليه في نشاطه الإرهابي وفي هذه الحالات يكون الأخ أو الأخت.

ويضيف الخبير بأن عاملي السن والمستوى الثقافي لا يؤثران كثيرا في تأثير الأشقاء على بعضهم البعض، بل يمكن أن يؤثر الأخ الأصغر على الأخ الأكبر أو أن يكون الشخص المُؤثر يتمتع بمستوى علمي وثقافي أقل من المؤثر عليه.

علاقات أسرية تقاوم المراقبة الأمنية

الخبير في الشؤون الأمنية ومكافحة الإرهاب علي الزاوي يؤكد لفرانس 24 أن خاصية السرية هي التي تميز العلاقات الأخوية-الجهادية لتبقى أنشطتهم في إطار من الكتمان التام وبالتالي الالتفاف على كل محاولات تدخل أجهزة الأمن والاستعلامات وأيضا التقليص من هامش الوشاية التي قد تعترض الجهاديين إذا ما ضمت خلاياهم عناصر جديدة من خارج الإطار الأسري.

المحيط الأسري النواة الأولى للخلايا الإرهابية

ويضيف الخبير الجزائري الزاوي بأن عامل استقطاب العناصر الجهادية يتم أيضا في محيط مهمش وعادة في الأحياء الفقيرة التي تعيش على هامش المجتمع، وحتى داخل الدول المتقدمة، وهي البيئة التي تلائم أكثر انتشار الأفكار المتطرفة لتضم النواة الإرهابية في مراحلها الأولى الأشقاء ثم الأقارب وبعد ذلك الأصدقاء المقربون وأبناء الحي. لذلك نجد أحيانا خلايا كاملة في مناطق النزاع كسوريا أو العراق مثلا أو حتى خلايا نائمة تتكون من أقارب وأصهار وآخرين تتفاوت درجات قرابتهم الأسرية من بعضهم البعض.

 

Author: fouad khcheich

Share This Post On

Submit a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Top

Pin It on Pinterest

Share This

مشاركة

شارك هذا المقال مع صديق!