من سلام جبركيدان تقول وكالة الشرطة الأوروبية (يوروبول) إن حجم تجارة تهريب البشر تراوح بين ثلاثة وستة مليارات دولار العام الماضي. ويجمع أقارب اللاجئين والمهاجرين من مختلف أنحاء العالم معظم الأموال اللازمة للرحلة ويقومون بتحويلها. تتصيد عصابات التهريب زبائنها على مسافة آلاف الكيلومترات. وتظهر مقابلات مع نحو 50 لاجئا واثنين من المهربين وممثلين للادعاء من أوروبا إلى جانب مراجعة وثائق نشرتها السلطات الإيطالية والاتحاد الأوروبي نظاماً معقداً مبنياُ على شبكة واسعة من المهربين في أفريقيا وأوروبا. تعتمد التجارة على تحويل المال بطريقة لا تستدعي التدقيق. ويقدم المهربون عروضا مغرية للمجموعات على سبيل المثال، قيام شخص بالرحلة مجانا مع كل عشرة. وفي موسم الهجرة الرئيسي خلال فصل الصيف ترتفع الأسعار بشدة. ويقول لاجئون إن تكلفة عبور الراكب الواحد للبحر المتوسط في قارب بلغت 2200 دولار في أغسطس/ آب ارتفاعا مما كانت عليه قبل عام حين كان متوسط المبلغ 1500 دولار. وتحاول حكومات ومسؤولون في أجهزة إنفاذ القانون في أنحاء أوروبا وقف المهربين. تقول وكالة (يوروبول) إنها قامت وشركاؤها منذ مارس/ آذار 2015 بتحديد هويات نحو ثلاثة آلاف شخص يعملون بالتهريب. وألقت الشرطة الإيطالية وحدها القبض على أكثر من 20 شخصا يعتقد ممثلون للادعاء في باليرمو أنهم ساعدوا في تنظيم آلاف الرحلات بالقوارب بين ليبيا وصقلية. أعلن ممثل الادعاء في صقلية كالوجيرو فيرارا اسمين هما إيرمياس غيرماي (إثيوبي) وميدهاني يهديغو (إريتري)، كعنصرين رئيسيين في عصابة للجريمة المنظمة مسؤولة عن نقل آلاف اللاجئين إلى إيطاليا. وقال فيرارا إن الرجلين يتحكمان في عملية “أكبر كثيرا وأكثر تعقيدا وتنظيما مما كان متصورا في البداية” حين بدأ النظر في أمر المهربين. ولم يتم إلقاء القبض على المشتبه بهما حتى الآن. وقال فيرارا إن الاثنين يشتريان مهاجرين مخطوفين من مجرمين آخرين في أفريقيا. كما أنهما ثريان. وبحساباته فإن كل رحلة بقارب يحمل 600 شخص تدر على المهربين ما بين 800 ألف ومليون دولار قبل حساب التكاليف. وجنى مهرب آخر يحقق فيرارا في أنشطته نحو 20 مليون دولار في عشر سنوات. ويخفض المهربون النفقات لتحقيق أكبر مكسب. فهم يستخدمون قوارب رخيصة ومتهالكة ونادرا ما يكون بها ما يكفي من الوقود. ويعتمدون على فرق البحث والإنقاذ الأوروبية. وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن عملية للبحرية الإيطالية أنقذت نحو 150 ألف شخص في عام واحد. وتم تعليق تلك العملية في أواخر 2014 توفيرا للمال وحلت محلها عملية أوروبية على نطاق أضيق. وإذا غرقت شحنة من البشر فإن الخسائر التي يتكبدها المهربون تكون محدودة. وقال فيرارا “لا تنطوي التجارة على مجازفة.” وأضاف “إذا هربت مخدرات وفقدت المخدرات فعليك أن تسدد ثمنها. أما إذا غرقوا (المهاجرون) ومات معظمهم فإنك لا تخسر أموالا.” وحتى الآن تفادت العصابات أجهزة إنفاذ القانون إلى حد بعيد لأنها تقوم على خلايا مجهولة منتشرة في دول كثيرة. ولا يريد المهاجرون الذين يسعون للحصول على خدمات المهربين أو العائلات التي تتحمل النفقات جذب الانتباه لكيفية عمل هذه العصابات. ورفض جيرماي نفسه إجراء مقابلة من أجل هذا التقرير. ووصف تقرير للأمم المتحدة في يونيو/ حزيران 2015 إريتريا بأنها “بلد يعتقل فيه الأفراد ويحتجزون تعسفيا بشكل روتيني ويعذبون ويختفون أو يعدمون خارج النظام القضائي.” واتهمت الأمم المتحدة الحكومة بانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان التي “ربما تشكل جرائم ضد الإنسانية.” وقال جيرما أسميروم مندوب إريتريا لدى الأمم المتحدة “البيان جائر ولا يعكس الواقع في إريتريا.” وفي مقابلة في نيويورك قال أسميروم إن الناس يهربون من الفقر. وألقى باللائمة على الدول الغربية في تشجيع الإريتريين على المغادرة بعرضها اللجوء الفوري بها. وقال إن دافع هذا الدول هو إضعاف وتهميش الحكومة الإريترية لخدمة مصالحها السياسية في المنطقة. وأضاف “الأوروبيون والأميركيون يساهمون في الحراك الذي يشهده تهريب البشر وفي البؤس.” والسودان بالنسبة لأغلب الإريتريين الذين يهدفون للوصول إلى أوروبا هو أول محطة كبرى. وأحد طرق الوصول إلى هناك هو عبر مخيمات اللاجئين في شمال إثيوبيا. ووفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يمر آلاف الإثيوبيين عبر تلك المخيمات كل شهر. ومن هناك يدفع المسافرون ما يصل إلى 1600 دولار للوصول إلى العاصمة السودانية الخرطوم. والحوالة هي نظام الدفع الأساسي للمهربين في الخرطوم. وتعتمد الحوالة على علاقات شخصية مقربة بين الأشخاص الذين تفصلهم مسافات شاسعة. فليس هناك عقود موقعة والقليل من عمليات التحويل هو الذي يكتب في السجلات. ويقوم وكيل في دولة غربية عادة بقبول مبلغ مدفوع مقدما ويتصل أو يرسل بريدا إلكترونيا لشريكه في الخرطوم ليخبره بالمبلغ الذي تلقاه. ويقوم الوكيل في الخرطوم بعد ذلك بدفع المبلغ المذكور إلى الشخص الذي أرسلت له النقود مخصوما منه رسوم تحويل وعادة بسعر تحويل عملة أفضل من الذي قد يقدمه البنك. وفي النهاية يقوم الوكيلان بتسوية تحويلاتهما من خلال البنوك. وعلى الرغم من أنها وسيلة غير رسمية إلا أنها طريقة قانونية لتحويل الأموال وفي الأغلب يستخدمها المهاجرون الآسيويون والأفارقة في الغرب. ويقول محققون إيطاليون إن المهربين يستخدمون نظام الحوالة في 80 بالمئة من تعاملاتهم المالية. ويقدم بعض المهربين للاجئين هواتفهم المحمولة المزودة بتطبيقات للاتصال عبر الإنترنت مثل فايبر وسكايب وواتس آب ليكون بمقدورهم التواصل مع عائلاتهم. وتساعد هذه التطبيقات على توفير المال اللازم لإجراء مكالمات دولية والأهم أنها تساعد في الإفلات من رقابة الشرطة.