اليمين يتمدد… الخوف القاتل والمثقل بالإنقسامات


تعيش القارة العجوز حالة من الخوف والقلق غير المسبوقين، وذلك منذ التصويت الشعبي لصالح البريكست في بريطانيا، وفوز دونالد ترامب الانتخابات  في الولايات المتحدة، وبات من المتوقع أن توابع الزلزال الأميركي ستصيب المجتمعات الأوروبية بمجملها .

بات واضحاً،  انه اذا استمر الحال على هذا المنوال، فإن هناك احتمالات لتساقط الكثير من الانظمة كأحجار الدومينو، بعد أن تبين للعديد من السياسيين والمحللين، أن الفكر الاوروبي والمزاج الشعبي العام يميلان حالياً لصالح اليمين المتطرف وان بنسب متفاوتة ، ما يعني ان دول الاتحاد الاوروبي ستمر بحالة من “الفوضى” ، قد تؤدي الى “الانهيار”  المخيف مع حلول العام المقبل، وهذا خطر جدي يلوح في الافق.

يشير عدد من المؤسسات ومراكز الدراسات والمنظمات الأوروبية المختلفة المشارب الى أن أوروبا ليست أميركا، ولكنها تحذر  من سيطرة الفكر اليميني المتطرف، وانعاكاساته على المجتمع الاوروبي، وأنه بات ضروراً الحفاظ على الحريات وخاصة، بما يتعلق بحرية العبادة والتنوع الثقافي الاوروبي مع “الوجود” الاسلامي “التاريخي”، والذي بدأ يتأصل داخل المجتمعات الاوربية واصبح قوة هائلة لا يستهان بها على مختلف الصعد ، مع انتشار واسع للمنظمات الارهابية او العناصر التي تتلائم توجهاتها مع الفكر الارهابي.

لذلك بات من الضرورة العمل على وأد الفتنة والصراعات الداخلية ، وما نراه ونشهده من انتشار للفكر اليميني المتطرف ، يؤشر الى حلقة قاتمة مقبلة على صعيد العلاقات ، بعد فوز اليمين في الانتخابات الرئاسية في العديد من الدول ، ولعل ابرزها فوز دونالد ترامب في الولايات المتحدة، وما يحمله من مشاريع وافكار في التعاطي مع المجموعات الاتنية والطائفية الاخرى .

سياسة “الحدود المُغلقة” بوجه المُهاجرين، التي دعا إليها الرئيس الأميركي المُنتخب دونالد ترامب خلال حملته الإنتخابية، كانت إحدى أقوى العوامل التي ساهمت في فوزه الصادم على هيلاري كلينتون التي هي رمز “حشر” الأنف الأميركية بالحروب الخارجية في عهد الرئيس باراك اوباما ، الذي اتَّسَم بنظرية إشعال الصراعات خاصة في سوريا وليبيا واليمن عبر الأدوات، مع ارتداء الإدارة الأميركية  ما اصطلح على تسميته بـ”الكفوف البيضاء”.

لا شك أن هناك أسباب قوية للخوف،وخاصة نتائج غير متوقعة عن تصاعد الاحزاب العنصرية فى مختلف الدول الأوروبية، وبرزت الى الافق قضية التعامل مع مشكلة اللاجئين ، واصبح حديث الحكومات يميل للتحذير من توابع زلزال ترامب، ومجمل العلاقات الدولية التي تتغير بشكل دراماتيكي،  والجنوح نحو متغيرات جيو ستراتيجة ليست واضحة المعالم …

النمسا:
تنفست أوروبا الصعداء إثر هزيمة اليمين المتطرف في الانتخابات الرئاسية في النمسا. وقال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إن النمسا “اختارت أوروبا والانفتاح”، فيما اعتبر زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا بأنه “فوز واضح للعقل على شعبوية اليمين”.

تلقى اليمين المتطرف في النمسا صفعة قوية بخسارته في الانتخابات الرئاسية، حيث أقر بهزيمته في الدور الثاني المعاد أمام مرشح حزب الخضر فان دير بيلين، ومثله في هذه الانتخابات نوبرت هوفر عن حزب “الحرية” الشعبوي.

وتشكل الهزيمة ضربة قوية لليمين الشعبوي في أوروبا، الذي يحاول توسيع نطاق انتصاراته في دول مختلفة من القارة العجوز، لكسب المزيد من النتائج الإيجابية في الاستحقاقات الوطنية والأوروبية، التي يجد فيها صعوبة بالغة في التقدم على بقية الأحزاب التلقيدية.

ألمانيا:

فتحت ألمانيا ذراعيها للمهاجرين بموجب سياسة أقرتها ميركل، وأثارت الكثير من الجدل في داخل ألمانيا وخارجها. وكانت نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة بمثابة تنبيه للمستشارة، بحيث أنها تلقت صفعة قوية إثر إلحاق حزب “البديل من أجل ألمانيا” المناهض للمهاجرين هزيمة قاسية بحزبها (الاتحاد المسيحي الديمقراطي) في العاصمة برلين كانت الأسوأ في تاريخه، ومكنت هذا الحزب من دخول البرلمان المحلي.

وتحدثت بعض التقارير عن تحول بـ 180 درجة في هكذا سياسة، وفي هذا السياق جاء مقال لوزير داخلية ولاية بادن فورتمبيرغ توماس شتروبل، المحسوب على حزب ميركل.

وأكد شتروبل أن “من يفقد حقه في الإقامة، يجب أن يرحل”، ما اعتبره البعض حربا معلنة على الهجرة غير الشرعية لإعادة تلميع صورة ميركل أمام الناخبين.

هولندا:

نشرت مراكز أبحاث أوروبية مايفيد أن الانتخابات الهولندية من المتوقع أن ترفع أيضا من أسهم السياسي “اليميني المتطرف” المعادي للمسلمين (خيرت فيلدرز.

ومن جانبه أقر البرلمان الهولندي بغالبية أعضائه قانونا يحظر ارتداء النقاب بشكل جزئي في بعض الأماكن العامة مثل المدارس والمستشفيات ووسائل النقل المشترك لأسباب تتعلق بالأمن.

فرنسا:

أعلن مانويل فالس رئيس الحكومة الفرنسية انه في حرب مفتوحة مع حزب “الجبهة الوطنية” اليميني المتطرف الذي تترأسه مارين لوبان قبل أسبوعين فقط من الدورة الأولى (22 اذار ) للانتخابات الإقليمية الفرنسية التي من المتوقع أن يحرز فيها الحزب المذكور فوزا كبيراً

أظهر أخر استطلاع للرأي أجراه معهد ” أوبنوي” نهاية الأسبوع الماضي تصدر حزب “الاتحاد من أجل حركة شعبية” نتائج الدورة الأولى مع 29 في المئة يليه بعد ذلك حزب ” الجبهة الوطنية” 28 في المئة، فيما يحتل الحزب الاشتراكي المرتبة الثالثة بحوالي 18 بالمئة.

ويخشى  فالس من أن فوز “الجبهة الوطنية”” سيؤد”ي إلى زرع الفتنة بين الفرنسيين، معلنا عن حقه وواجبه في  النقد الشديد لحزب مارين لوبان.

اولى الأسئلة المطروحة على المرشَّح الرئاسي اليميني الفرنسي فرانسوا فيون هو ما إذا كان يستطيع أن يكون حاجزاً أمام حزب” الجبهة الوطنية” اليميني المتطرِّف.

تشير استطلاعات الرأي حالياً إلى أنَّ الجولة النهائية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية في مايو/أيار ستكون معركةً بين مرشَّح حزب الجمهوريين، فيون، وبين زعيمة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبان.

أشار تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية  الى انه لدى الجبهة الوطنية سببٌ لتخشى فيون. فاتجاهه التقليدي والمحافظ اجتماعياً فيما يخص قيم الأسرة و”جذور فرنسا المسيحية”، والتأكيد على الهوية القومية الفرنسية، و”السيادة” و”الوطنية”، وساعات العمل والتقاعد، واتجاهه المتشدِّد فيما يخص الهجرة والإسلام، إضافةً إلى أجندته الخارجية الداعمة للرئيس الروسي فلاديمير لبوتين ضد “الإمبريالية الأميركية”، تتشابك هذه الأمور جميعاً مع بعض أفكار لوبان الرئيسية.

ولكن هذا لا يعني أنَّ الأمر سيكون مفرط السهولة على فيون، رئيس الوزراء السابق، والذي قضى 35 عاماً في السياسة ورمز اليمين الفرنسي الإقليمي الكاثوليكي العتيق. رغم مواقف فيون اليمينية المتشدِّدة، إلَّا أنَّه ليس شعبوياً. قال الخبير في اليمين الفرنسي المتطرِّف جان إيف كامو “إنَّه أقرب إلى ديفيد كاميرون منه إلى نايغل فاراج (زعيم حزب استقلال المملكة المتحدة)”

وفي مواجهة فيون، سيُجبَر حزب “الجبهة الوطنية” على التصدِّي لانقساماته الداخلية. لقد وسَّع الحزب في السنوات الأخيرة قاعدته الانتخابية عبر وصفه لنفسه بأنَّه “ليس يساراً ولا يميناً”، محقِّقاً بذلك توازناً رقيقاً بين الاختلافات الداخلية حول ما إذا كان على سياسته الاقتصادية الاتجاه أكثر إلى السوق الحرة، أو ما إذا كان عليه اتِّخاذ مواقف أبرز فيما يخص القضايا الاجتماعية التي تروق لليمين المتديِّن.

بريطانيا:

اشارت وكالات الانباء إلى أن فرص المرشحة اليمنية للرئاسة الفرنسية ماري لوبان تزيد في المنافسة على رئاسة الجمهورية والاتحاد الأوروبي، فاستقال كاميرون من رئاسة الوزراء وأصبح بوريس جونسون رئيس بلدية لندن السابق وزيرا للخارجية الذي ساعد في إقناع البريطانيين بترك التكتل الاوروبب.

الواضح أن التصويت البريطاني لصالح الخروج من الاتحاد الأوربي، كان من وجهة نظر كثيرين بداية لانتصار اليمين الأوروبي، وأنه مثل نموذجاً يحتذى للعديد من أحزاب هذا اليمين، الساعي ضمن ما يسعى إليه إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي.

الإرهاب.. فرصة اليمين المتطرف

حسب وكالات أنباء عربية وغربية بأنه من المرجح أن تشن التنظيمات الارهابية  هجمات جديدة في  دول الاتحاد الأوروبي في المستقبل القريب، وربما تستهدف هذه الهجمات البلدان الأعضاء في قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة لمكافحة التنظيم المتطرف في سوريا والعراق.

الإرهاب، الذي اعترفت به المرشحة السابقة للانتخابات الاميركية هيلاري كلينتون أنها لم تكُن تتوقَّع تمدُّده بهذا الشكل المُخيف، انتقلت حرائقه وسوف تنتقل عبر العالم، وعزَّز حضوره الضاغط، حظوظ الأحزاب اليمينية الأوروبية الداعية الى القوقعة ضمن جغرافيا ما قبل الأحلاف والإتحادات والأسواق المشتركة، وقضى أساساً على حريَّة انتقال الأفراد عبر الحدود بدون تأشيرات، وباتت اتفاقية “شينغن” بين دول الإتحاد الأوروبي مجرَّد حبرٍ على ورق، بعدما انتهك الإرهاب كل الحدود ولوّحت دول أوروبية عديدة بالخروج من هذه الإتفاقية بهدف ضبط حدودها الوطنية والحفاظ على أمنها الداخلي.

ايطاليا

اعلن رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتسي أنه سيقدم استقالته عقب الرفض الشعبي الكاسح لخططه في الاستفتاء على الإصلاح الدستوري.

ويتعلق الاستفتاء بتعديل في الدستور يدعو إلى تقليص دور مجلس الشيوخ في البرلمان، إلا أنه نُظر الى الاستفتاء على أنه فرصة لتسجيل موقف معارض لرئيس الوزراء الإيطالي.

وقال رينتسي في كلمة ألقاها منتصف ليل الأحد إنه “يتحمل مسؤولية نتائج هذا الاستفتاء”.

ودعت أحزاب المعارضة من بينها حركة “النجوم الخمسة” المناهضة للمؤسسة الحاكمة وحزب” رابطة الشمال” المناهض للهجرة إلى التصويت بـ “لا” في الاستفتاء، وتطالب هذه الأحزاب الآن بإجراء انتخابات عامة مبكرة، ومن شأن نتيجة التصويت أن تمنح دعماً كبيراً لهذه الحركات الشعبية.

وأظهرت النتائج بعد فرز معظم الأصوات رفض الناخبين تعديل الدستور بنسبة 60 في المئة مقابل تأييد 40 في المئة.

بعد ما تقدم، اليمين يسرع خطواته ” الشعبوية” ، المزاج الشعبي يتبدل بسرعة ، مشاكل العالم تزداد ، فهل يكون العالم على موعد مع انفجار كبير، لكن من اين يبدأ هنا السؤال والتساؤل ؟  الظروف مؤاتية ..

Author: fouad khcheich

Share This Post On

Submit a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Top

Pin It on Pinterest

Share This

مشاركة

شارك هذا المقال مع صديق!