خسر تنظيم داعش الكثير من جاذبيته باستقطاب المقاتلين الأجانب، وكذلك المقاتلين المحلين، فلم يعد قادرًا على إدارة عملياته الواسعة على الأرض ولا بتنفيذ عمليات انتحارية نوعية في أوروبا حسب ما توعد به التنظيم.
كشف “البنتاجون” عن تراجع كبيرفي قدرة تنظيم داعش على تجنيد المقاتلين الأجانب والدفع بهم إلى ميادين القتال في سوريا والعراق. واكدت نتائج دراسة للشرطة والاستخبارات الداخلية في ألمانيا عن حدوث تراجع في أعداد المتعاطفين مع تنظيم داعش الذين يغادرون ألمانيا للانضمام إلى صفوف التنظيم في سوريا والعراق.
وأشار البنتاجون في تقريره خلال شهر نوفمبر 2016 إلى أن قدرة داعش على ذلك قد تراجعت بنسبة 90 في المائة وأن معدل تدفق الأجانب للقتال إلى صفوفها قد تراجع بدءا من النصف الثانى من العام الجارى إلى 200 اجنبى شهريا مقارنة بـ 2000 اجنبى كانوا ينضمون شهريا إلى صفوف مقاتلى داعش في سوريا والعراق خلال العام 2015.
يذكر أن تنظيم داعش اجتاح مدينة الموصل مركز محافظة نينوى 375 كم شمال بغداد واعلن “دولته” واستولى في حينها على مدينة صلاح الدين ـ تكريت يوم 10 مايو 2014 كما امتد نشاط “داعش” إلى مدينة ديإلى، بعد ان كان يتخذ من مدينة الانبارـ الفلوجة 100كلم غرب العاصمة بغداد، مقرا له هناك مطلع 2014. وبعد اكثر من سنتين من احتتلال داعش للموصل، أعلن العراق يوم 17 اكتوبر 2016 بدء العملية العسكرية لإستعادة السيطرة على مدينة الموصل من مسلحي داعش، واحرزت القوات العراقية وبدعم من قوات التحالف الدولي، باستعادة ادزاء من مدينة الموصل، ضمن معركة واسعة لاستعادة المدينة بالكامل.
عوامل تراجع داعش
مواجهة الدعاية المتطرفة
أعلنت الإدارة الأميركية منتصف شهر نوفمبر 2016 أنها تستخدم فيسبوك للتصدي للدعاية” الجهادية” والتطرف وذلك من خلال الاشتراك بخدمات إعلانية مدفوعة الأجر يتيحها موقع التواصل الاجتماعي لانتقاء جمهور محدد وإرسال رسائل مضادة “للجهاديين” إليه. وإتجهت الإدارة الأمريكية خلال شهر فبراير 2015 لتجديد وتحديث جهودها في مجال المقاومة الإلكترونية لتنظيم داعش بعد تكثيف داعش على سياسة تصعيد نشاطه على تويتر ووسائل التواصل الاجتماعي. وبسبب هذه التداعيات شكلت وزارة الخارجية الاميركية مركز الإتصالات الإستراتيجية لمكافحة الإرهاب لملاحقة نشاطات التنظيمات المتطرفة. وأكد مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، أن الوكالة اجرت تعديلات في تاريخها لزيادة التركيز على عمليات الإنترنت ودمج المبتكرات الرقمية في جمع المعلومات. يذكر بان هذه الجماعة تعد “الجهاد” على الانترنيت دعامة رئيسة في تركيبة وعمل التنظيم إلى جانب عملياته على الأرض ويعطي التنظيم أهمية للنشاط على شبكة الانترنيت. واعتمد تنظيم داعش كثيرا على “الدعاية المتطرفة” بأنتاج اشرطة الفديو والدعاية بنوعية ومهنية للترويج لمبادئه.
المواجهة الميدانية على الارض
خسر تنظيم داعش قياداته الميدانية وظهر تاثير ذلك على فقدان التنظيم قدرته القتالية ميدانيا في شن عمليات واسعة. التنظيم بدء يختفي تنظيميا من الواجهة وانخفضت قدرته حتى في اوروبا وفي دول المنطقة ولا توجد اية عمليات نوعية، مايجري من عمليات فهي محدودة جدا تكاد تكون فردية.
ذكرت صحيفة ديلي تلغراف أن عدد المقاتلين الأجانب الذين سافروا إلى العراق وسوريا منذ نشوب القتال في عام 2011 يقدر بأكثر من 27 ألفا وتقدر نسبة الذين عادوا إلى أوطانهم بين 20 و30%.. ويرجع البنتاجون التراجع الكبير في بنية داعش التحتية المخصصة لاستيعاب المقاتلين الاجانب إلى العمليات الجوية للتحالف الدولى في سوريا والعراق، وإضافة إلى ذلك فقد ادت الأزمة المالية التي يتعرض لها التنظيم إلى فقدان جاذبيته بالنسبة للمرتزقة أو راغبى الانضمام اليه. ويعزى تراجع موارد داعش المالية إلى تراجع مساحات سيطرته البرية وتراجع حصيلته من الضرائب والإتاوات على ساكنى تلك المناطق بصورة كبيرة، فضلا عن ذلك تراجع ايرادات التنظيم من بيع النفط الخام من هذه المناطق إلى الأسواق السوداء في العالم.
فقد تنظيم داعش، الكثير من عوامل ديمومته، ميدانيا وخسارته الى مناطق واسعة ما يقرب من 60% من الأراضي التي يسيطر عليها في سوريا والعراق، مؤكدًا تقلص نسبة الأراضي التي يسيطر عليها في العراق إلى 40 %، وبنسبة 20% في سوريا وفقا الى تقرير الجيش الامريكي مطلع عام 2016، لكن وفق المعطيات الحالية وسير المعارك في العراق التي انطلقت في شهر اكتوبر 2016 ومعارك تقودها جماعات مسلحة سورية مدعومة من امريكا” قوات سوريا الديمقراطية” وقوات اخرى مدعومة من تركيا ” الجيش السوري الحر” جعلت التنظيم ينحسر في الرقة السورية واجزاء من مدينة الموصل، وهذا يعني ان نسبة خسارة التنظيم للمناطق التي كانت تسيطر عليها قد ارتفعت الى اكثر من 80% ، ومن المرجح ان يخسر التنظيم معاقله ايضا خلال الاشهر القادمة.
الجهد الاستخباراتي ضد التنظيم
يقول شتيفان ماير خبير شؤون السياسة الداخلية بالحزب الشقيق لحزب المستشارة الألمانية ميركل “يتعين على أجهزة استخباراتنا تكثيف تعاونها بشكل جوهري مع الاستخبارات الأمريكية والتركية والأردنية واللبنانية فيما يتعلق بفحص اللاجئين”. وانتقد ماير أنه ليس هناك سوى عدد قليل للغاية من المعلومات عن إرهابيين محتملين. وقال كلاوس بويلون، رئيس مؤتمر وزراء الداخلية الألمان، إن عدد هؤلاء المسافرين كان يبلغ ” في أوقات الذروة” نحو 100 شخص كل شهر، لكنه تراجع في الوقت الراهن إلى أقل من خمسة أشخاص شهريا.
الجهد الاستخباراتي في مواجهة التنظيم، يأتي ضمن استراتيجية لقوات التحالف وكذلك لدول اوروبا، الى جانب العمليات العسكرية. ظهرت جهود دولية في تعزيز المعلومات الاستخباراتية في معرفة خطط التنظيم، وقياداته واماكن تواجدها، اضافة الى احداث خروقات داخل التنظيم. هذه الجهود جاءت متاخرة جدا ، مما جعله يعمل بشكل مستريح ويعزز قدرته التنظيمية والبنيوية والعملياتية. مايشهده الان التنظيم هو انهيار في لنيته وتفككه تنظيميا على الارض.
الجهود الاستخباراتية التي ركزت عليها دول اوروبا، ساعدها بالكشف عن خلايا تنظيم داعش داخل اوروبا وعن ارهابين محتملين، نتيجة حصولها على معلومات حول التنظيم من الداخل، الى جانب ماتحصل عليه من عناصر داعش العائدين الى اوروبا، الذين قدموا معلومات ساعدت بالكشف عن خلايا ارهابية اخرى، الجهد الاستخباراتي لايقل اهمية عن الضربات العسكرية ان لم يزيد عليها.
نتائج تفكيك تنظيم داعش جاءت بعد اعادة سياسات مكافحة الارهاب من قبل قوات التحالف الدولي، وكذلك نتيجة اعادة سياسات دول اوروبا وبعض دول المنطقة، نتج عنها خسارة تنظيم داعش الى قدراته على الارض الى جانب خسارة ذراع دعايته المتطرفة على الانترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي وفقد جاذبيته.
(جاسم محمد – شبكة رؤية)