عما قريب سيكون الزائرون الأجانب للولايات المتحدة مطالبين بتقديم معلومات حول حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي للسلطات الأمريكية حيث ترغب هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية في البدء بجمع ” معلومات متعلقة بنشاط “المسافرين” على شبكة الانترنت” بما في ذلك المسافرين القادمين من دول معفية من تأشيرات الدخول للولايات المتحدة, وجزء كبير من أوربا, وعدة دول أخرى. في وقت سابق من هذا الشهر, ضجّت الصحف العالمية بخبر حول اقتراح هيئة الجمارك وحماية الحدود إدراج خانة ” اسم وسيلة التواصل” و “اسم حسابك على وسائل التواصل” في بعض الاستمارات الجمركية. إذا وافق مكتب الإدارة والموازنة على هذا المقترح, فسيدخل حيّز التنفيذ في شهر ديسمبر.
المجموعات المدافعة عن الخصوصية من جهتها اعترضت على هذا الاقتراح, الذي تقول إنه سيحدّ من حرية التعبير على شبكة الإنترنت, ويمنح وزارة الأمن الوطني وهيئة الجمارك وحماية الحدود سلطة تحديد أي الأنشطة على شبكة الإنترنت تمثل ” خطرا يهدد الولايات المتحدة” أو ” نشاطا آثما”
قال المقرر الخاص لحق حرية التعبير في الأمم المتحدة في الشهر الماضي إن نطاق المعلومات التي سيتم جمعها “غامض وغير محدد” وأضاف إنه “يشعر بالقلق” من أن هذا التغيير ” قد يطلق أيدي المسؤولين بصورة كبيرة لجمع, وتحليل, ومشاركة, والاحتفاظ بمعلومات خاصة وحساسة تخص المسافرين وارتباطاتهم على شبكة الإنترنت”.
” يبدو أنه حتى لو لم يتفاعل صديق ما على وسائل التواصل بشكل مباشر مع طالب التأشيرة, ستقوم هيئة الجمارك بالتحقيق في العلاقات التي تربط الطرفين” كما تقول 11 مجموعة مهتمة بالحريات المدنية في خطاب لها حول مقترح هيئة الجمارك وحماية الحدود.
” إذا أثار أحد ’ المتابعين‘ لحساب طالب التأشيرة شكوك الهيئة, قد يتم منع طالب التأشيرة نفسه من السفر للولايات المتحدة”
قالت كل من هيئة الجمارك وحماية الحدود ووزارة الأمن القومي, إن السؤال المتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي سيكون اختياريا, كما أن دور الهيئات المختصة ” سيقتصر على الوصول لمعلومات متاحة للجميع في وسائل التواصل, بما يتفق مع إعدادات ضبط الخصوصية لهذه الوسائل”.
قدم متحدث باسم هيئة الجمارك وحماية الحدود بيانا قال فيه إن جمع معلومات وسائل التواصل الاجتماعي ” ربما يساعد في تقصّي تهديدات محتملة, لأن التجربة أظهرت أن المجرمين والإرهابيين, سواء كان ذلك عن قصد أو غير قصد, نشروا على وسائل التواصل الاجتماعي معلومات غير متاحة من قبل تبرز نواياهم الحقيقة” وأضاف البيان أن ” جمع حسابات وسائل التواصل لن يُستخدم لمنع طالب التأشيرة من السفر بسبب أرائه السياسية, أو عرقه, أو ديانته”.
لم يحدد المتحدث باسم هيئة الجمارك وحماية الحدود ما إذا كان عدم الإجابة على السؤال الخاص بوسائل التواصل الاجتماعي في الاستمارة سيؤثر سلبًا على طلب شخص ما الحصول على التأشيرة, أو يعرضه لإجراءات فحص إضافية, حيث اكتفى بالقول إنه يمكن تقديم تطلب التأشيرة بدون الإجابة على السؤال.
وفي وقت مبكر من هذا الشهر, أوضح موقع ” the Intercept” بشكل مفصّل كيف عملت هيئة الجمارك وحماية الحدود على نحو وثيق مع مكتب التحقيقات الفيدرالي لفحص المسافرين بغرض تجنيدهم للعمل كمخبرين, حيث مررت الهيئة معلومات تم جمعها من سجلات السفر وعمليات فحص ثانوية لمكتب التحقيقات. كان هدفنا ” البحث عن ’ رجال صالحين‘ وليس ’ رجال أشرار‘ ” كما بيّنت إحدى وثائق مكتب التحقيقات الفيدرالي.
قال اتحاد الحريات المدنية في أمريكا إن الوثائق تظهر إجراء هيئة الجمارك وحمية الحدود لعمليات استجواب ” خارقة للخصوصية على نحو غير مبرر”, فضلا عن “استخدام الحدود كشبكة لجمع المعلومات الاستخباراتية حول الأشخاص الأبرياء”. إن هذا النوع من البرامج تحديدا, والذي يضطر فيه المسافرون العاديون للكشف عن أنشطتهم على الإنترنت لسلطات الحدود, هو ما يثير قلق مناصري الحفاظ على الخصوصية.
” نحن نعلم أنهم سوف يستخدمون تلك المعلومات في ما يعرف ب ’ ‘contact chainingأو تتبُّع جهات الاتصال” قال ناثان وايت العضو في مجموعة “”Access Now المدافعة عن حرية الإنترنت, في إشارة إلى عدم اكتفاء السلطات بتقصّي جهات اتصال شخص ما, بل تقصّي الجهات التي يتواصل معها أصدقاؤه أيضا. ” لو طبقنا ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي, سنجد أنهم مهتمون بصديق أحد أصدقاء المسافر من أجل تجنيده كمخبر لهم”
لفتت منظمة Access Now ومنظمات أخرى أيضا إلى أن البحث في أنشطة الأجانب على وسائل التواصل سوف يمكّن حتما وزارة الأمن الوطني من جمع, والاحتفاظ بكميات ضخمة من المعلومات حول مواطنين أمريكيين مرتبطين بهؤلاء الأجانب ومشاركتها مع وكالات أخرى, حتى لو كانت العلاقة التي تربطهم بهم عابرة.
ومن أجل البدء في هذا التغيير, كان على هيئة الجمارك وحماية الحدود أن تطرح هذا المقترح للنقاش العام. ولكن الفترة الزمنية المتاحة لذلك انتهت في وقت مبكر من هذا الشهر, وأصبح مكتب الإدارة والموازنة الآن لدية 60 يوما لكي يطلب من هيئة الجمارك تعديل المقترح أو إقراره. إن مكتب الإدارة والموازنة لا يقيّم هذا التغيير وفقا للنتائج المترتبة على الخصوصية أو الحريات المدنية, بل لأسباب إجرائية ومالية.
اختتم وايت ” نحن نحاول إرسال رسالة إلى مكتب الإدارة والموازنة مفادها أن جمع كل هذه المعلومات سيكون مكلفا وعديم الفائدة- فالأبرياء فقط هم من سيقدمون لكم معلوماتهم الحقيقية”.