الجولاني يفك ارتباطه مع “القاعدة”… وحلب فرحة الدنيا بأهلها


فادي نصار

 

وأخيراً، كشف زعيم “جبهة النصرة” أبو محمد الجولاني عن وجهه، وهو الذي قالت مجلة “التايم” في أحد تقاريرها، أنه في الإجتماعات التي ضمت الجماعات المسلحة البارزة وحضره قادة كتائب أحرار الشام ولواء صقور الشام ولواء الإسلام وغيرها من الكتائب، جلس (الجولاني) مُلثما، رافضا الكشف عن هويته، وجرى تقديمه إلى الحضور بمعرفة “أمراء” الجبهة في حلب وإدلب.

فقد ظهر أمس قائد “جبهة النصرة “المصبوغة عموماً بالتكتم والسرية، أبو محمد الجولاني، لأول مرة معلناً “لم نعد قاعدة. قُضي الأمر بالشورى”، مسقطاً بذلك تسمية “جبهة النصرة”، ومعلناً فكّ الارتباط مع “القاعدة”، بل أعلن عن تشكيل فصيل جديد سمّاه “جبهة فتح الشام” التي لا ترتبط بأي جهة خارجية، بحسب تعبيره. فأسقط معها الراية السابقة، مستبدلاً إياها براية الإسلام البيضاء.

والجولاني هو الاسم السري لطالب الطب السوري أسامة العبسي الواحدي، المولود في بلدة الشحيل (ملتقى نهري الخابور والفرات) بمدينة دير الزور عام 1981، ترك ابن الموظف الحكومي البسيط الذي لم يتعاطَ السياسية يوما جامعته، وغادر الى العراق ليقاتل مع تنظيم القاعدة، تحت قيادة أبو مصعب الزرقاوي ضد الغزو الاميركي للعراق في عام 2003.

لم يكن اعلان الجولاني، أمراً جديداً في مسيرة التنظيم، فالرسائل السرية التي كشفتها الاستخبارات الأميركية مؤخراً، أظهرت أنّ أسامة بن لادن كان يخطط لتغيير اسم “القاعدة”، لكونه ارتبط بأعمال إرهابية شوّهت صورته.

والجدير ذكره هنا، أنه في مقابلة مسجلة مع قناة “الجزيرة” بُثت في تشرين الأول (أكتوبر) 2001 يوضح بن لادن أصل التسمية، فيقول: “ظهر اسم (القاعدة) منذ فترة طويلة بمحض الصدفة، فالراحل أبو عبيدة البنشيري أسس معسكرات تدريب المجاهدين لمكافحة إرهاب روسيا. كنا نسمي معسكرات التدريب بالقاعدة، وبقي الاسم كذلك”.

ولا بد من الإشارة في هذا المجال إلى أن “النصرة” كانت التنظيم الأول من دون منازع في مواجهة الجيش السوري وحلفائه خلال السنتين الماضيتين، وقد حاولت عدة مرات الذوبان في ائتلاف فصائل سمّوه “جيش الفتح”، وذلك بهدف ابعاد صبغة الارهاب عنها، لكن محاولاتها هذه باءت بالفشل، وبقيت “الجبهة” تحمل سمة الارهاب ومدانة عالمياً مثلها مثل “داعش”، ولم تحصل على صفة معارضة معتدلة.

اعلان الجولاني الخروج من عباءة “القاعدة” لن ينطلي على السوريين واصدقائهم الروس الذين يعيشون اليوم فرحة الدنيا بأهلها، وذلك بعد الاعلان الرسمي عن انتصار عظيم حققه الجيش السوري وحلفائه في مدينة حلب (العمود الفقري للاقتصاد السوري) ، حيث تمكّن الجيش السّوري، من السّيطرة على “حي بني زيد” بالكامل في مدينة حلب، في هجوم خاطف استغرق ثماني ساعات، لم يواجه فيه مقاومة عنيفة، من مقاتلي “جبهة النصرة” أو “جيش المجاهدين” الذين  تلقوا أوامر عند الفجر بالانسحاب من الحي، وذلك بحسب مصدر عسكري.

وقال بيان لوكالة “سانا” السّوريّة، أنّ “وحدات الهندسة تقوم بإزالة المفخّخات والعبوات من الساحات والشوارع”، مؤكّداً مطاردة “الإرهابيّين الفارّين من بني زيد وسط انهيار كبير في معنوياتهم وتبادل الاتهامات فيما بينهم وتسليم عشرات المسلحين أنفسهم وأسلحتهم طلباً لتسوية أوضاعهم”.

وأكّد البيان أنّ “قيادة العمليّات العسكريّة في حلب، بالتّنسيق مع محافظ حلب وقيادة الشّرطة، اتّخذت التّرتيبات اللاّزمة لتسليم المعامل التي استعادتها في منطقة الليرمون إلى أصحابها، إلى ذلك أشار فارس الشهابي رئيس غرفة التجارة والصناعة في حلب وعضو مجلس الشعب السوري إلى ان “الف معمل في حلب قد تعرضت للدمار، فيما طاولت عمليات السرقة جميع المعامل، باستثناء تلك التي تعرضت للدمار جراء الحرب ولم يستطع المسلحون نقل آلاتها”.

إلى ذلك، أعلنت موسكو بدء “عمليّة إنسانيّة واسعة النّطاق” في حلب، تشمل إقامة ممرّات إنسانيّة للمدنيّين والمقاتلين المستعدّين للاستسلام. وتحدّث وزير الدّفاع الرّوسي سيرغي شويغو عن “وضعٍ إنسانيّ صعب” في حلب، موضحاً أنّ “ثلاثة ممرّات إنسانيّة ستقام مع القوّات الحكوميّة من أجل المدنيّين، وممرّاً رابعاً شمال طريق الكاستيلو للمقاتلين”.

في غضون ذلك ، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد أمس مرسوماً تشريعياً يقضي بمنح عفو “لكل من حمل السلاح”، وبادر الى تسليم نفسه وسلاحه. ودعا الأسد جميع أبناء الشعب السوري “للوقوف صفاً واحدا مع الجيش من أجل استئصال الإرهاب”. كما يشمل العفو “كل من بادر الى تحرير المخطوف لديه بشكل آمن ومن دون اي مقابل، وذلك خلال شهر من تاريخ صدور المرسوم”، وذلك خلال استقباله وفد “مجلس السلام الأميركي” برئاسة عضو الهيئة التنفيذية للمجلس هنري لويندورف، حيث أوضح أن العامل الاساسي وراء الحرب في سوريا كان “عدم خضوع سوريا وعدم قبولها بأن تلعب دوراً في المنطقة لا يتطابق مع مصلحة شعبها”.

النصر الذي حققه الجيش السوري في حلب لم يكن وليد ساعته، بل هو نتيجة تحركات عملياتية، وجهود بذلت بتنسيق عالٍ بين القيادتين السورية والروسية، تراكمت خلال فترة الشهرين الماضيين بمؤازرة الطيران الروسي والجيش الايراني ومقاتلي حزب الله، ويُنتظر أن تثمر الجهود الدبلوماسية الروسية، والجولة الثالثة من المفاوضات السورية –السورية اواسط شهر آب (أغسطس)، والزيارة التي سيقوم بها أردوغان الى موسكو في التاسع من آب (أغسطس)، وفي ظل زيارات الوفود الاوربية والاميركية الى سوريا للقاء الاسد، ويتوقع أن تزداد خلال شهر آب (أغسطس)، فهل ستحمل الأيام والأسابيع نصراً أخراً للسوريين؟ وهل سيكون للاسد ظهور قريب في اراضي الجزيرة السورية؟ يتساءل مراقبون.

 

Author: Firas M

Share This Post On

Submit a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Top

Pin It on Pinterest

Share This

مشاركة

شارك هذا المقال مع صديق!