بعد أقلّ من أسبوع على لقاء وزراء دفاع روسيا الجنرال سيرغي شويغو وسوريا العماد فهد جاسم الفريج وإيران حسين دهقان في طهران، بدأت مفاعيل هذا اللقاء تتظهّر من خلال تقدّم البيانات الحربية للغارات الروسية، والعمليات الهجومية للقوات السورية وحلفائها على بيانات المصالحة مع الفصائل المسلّحة، للمرّة الأولى منذ إرساء الهدنة نهاية شباط (فبراير) الماضي.
ومع تراجع التشبّث الروسي بخيار الهدنة في حلب وريفها، عادت طائرات السوخوي الى أجواء المحافظة بكثافة، حيث تضاعفت أعداد الطلعات والغارات التي تشنها مقاتلات قاعدة حميميم من ثلاث إلى أربع مرات، فيما أكّدت مصادر مطّلعة لموقع Russia-Now.com أنّ جسراً بحرياً روسياً لنقل مئات الأطنان من المعدات والذخائر، تمهيداً للعمليات المشتركة المرتقب إطلاقها في القريب العاجل.
وبعد أقلّ من شهر على دفع الحرس الثوري الإيراني ثمناً كبيراً من ضباطه ومستشاريه، بعد أن تعرضت غرفة عملياتهم في خان طومان لهجمات كثيفة، من دون أن يحصلوا على
إسناد جوي روسي، وشعور الايرانيين أنّ الحليف الروسي يتمسك بالهدنة أكثر مما ينبغي، أتى اجتماع وزراء الدفاع في طهران “ليضع النقاط على الحروف في ما يتعلّق بالمعركة القادمة التي تقرّر أن تكون ساحتها العاصمة الاقتصادية لسوريا، حلب”، بحسب المصدر المطّلع عينه.
وفي السياق عينه، لفت المصدر الى حديث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بالتزامن مع اجتماع طهران الثلاثي الأسبوع الماضي، من أن موسكو ستواصل “تقديم الدعم للجيش السوري من أجل منع الإرهابيين من السيطرة على مساحات واسعة في مدينة حلب وريفها”. وأشار المصدر الى أنّ تحديد لافروف لحلب وريفها كهدف للعملية المقبلة، يعود الى اعتبارات ميدانية كبرى، أبرزها أنّ “حلب هي ساحة الرهان التركي والسعودي والأميركي، إضافة الى كونها عصب أي مشروع تقسيمي يحاك لسوريا، وهي في صلب المشروع الكردي لوصل الكانتونات الثلاثة، ونقطة تماس كل القوى والأطراف الإقليمية والدولية”.
ولفت المصدر المطّلع على مباحثات الوزراء الثلاثة في طهران أنّ توافقاً على إعطاء الإيرانيين دوراً أكبر في ساحات الحرب السورية تأتّى عن الاجتماع. وتمثّل القرار بشكل أساسي في تعيين الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني الأميرال علي شمخاني منسقاً أعلى للعمليات الروسية – الإيرانية – السورية المشتركة.
أمّا القرار الثاني الأساس فكان، بحسب المصدر عينه، تفعيل جبهة حلب، حيث اتّفق على نشر المزيد من عناصر الحرس الثوري الايراني في الشمال الحلبي، وزيادة رقعة انتشار الجيش السوري في المنطقة التي تقطنها غالبية عربية، ويتقّدم عبرها الأكراد لوصل كانتوناتهم. وأضاف المصدر أنّ الاتفاق شمل كذلك إعطاء دور أكبر للحرس الثوري الايراني في مناطق الشرق السوري، وتحديداً في المعارك الدائرة في ريف الرقة حاليا، حيث يطمح الإيرانيون إلى حجز موقع في المحافظات الشرقية التي تشكّل خطّ وصل جغرافي (خط سوريا – بغداد) بين القوات
الايرانية العاملة في سوريا، ونظيرتها العاملة على الأراضي العراقية بقيادة قائد فيلق القدس قاسم سليماني.
رحى الحرب تدور في شرق وشمال سوريا، فيما موجبات الهدنة تكاد تنتفي. وفي حين يبدو واضحاً أنّ لغة الحرب الايرانية – السورية – الروسية باتت تتقدّم على ما عداها من حلول سياسية في جنيف وغيرها من العواصم الاوروبية، تتحضّر حلب الى جولة جديدة من العنف الذي لم تشهده المدينة من قبل، مع اقتراب ساعة الحسم العسكري فيها. فما هي تداعيات هذا الحسم على الساحات الملتهبة في الاقليم ككلّ؟ وهل تكون لمعركة حلب ارتداداتها في لبنان وتركيا والعراق والأردن، كما تلك المتعلقة بجغرافيا الحرب السورية؟