خلاف روسي – ايراني هادئ على التوقيت… هل يطلق الجيش السوري معركة تحرير خان طومان أم ينتظر الضوء الأخضر الأميركي؟


فراس مقلّد

 

للمرة الثالثة خلال أقلّ من أسبوع، مدّد الجيش السوري صباح الثلاثاء هدنة بدأ تنفيذها الخميس الماضي في حلب لمدة يومين حتى منتصف ليل الأربعاء، حسبما قال التلفزيون الرسمي السوري. وكان من المزمع انتهاء الهدنة الساعة 01:00 بالتوقيت المحلي صباح الثلاثاء. وأدّت الاشتباكات العنيفة في الأسبوعين اللذين سبقا الهدنة إلى مقتل 300 شخص. وكان مسلّحو المعارضة في الريف الجنوبي لحلب خرقوا الهدنة بعد ساعات قليلة من انطلاقها، بغية بسط سيطرتهم على بلدة خان طومان الاستراتيجية.

وكانت الولايات المتحدة الأميركية وروسيا أعلنتا توصلهما الى اتفاق حول التهدئة في حلب حسب ما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، مشيرا إلى رفض موسكو أن تشمل الهدنة مواقع “جبهة النصرة” في حلب. وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت في هذا الشأن أن هنالك من انضم من المعارضة في حلب إلى “جبهة النصرة”. من جهتها أقرت وزارة الخارجية الأمريكية بأن المعارضة السورية في حلب تتحرك مع الفصائل التي لم تنضم إلى الهدنة. وقال مارك تونر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية: “هذه إشارة دائمة تلك التي نرسلها، نحن نعلم، وقد قلنا سابقا، أن الوضع في بعض المناطق معقد وغير مستقر.. كانت هناك بعض المجموعات المختلطة. علينا التفريق بينها وتحديد من وإلى أي جانب يقف”. وأضاف تونر أن الاتفاقية مع روسيا بشأن التهدئة “تستند إلى حقائق مفادها أن الحكومة والمعارضة اللتين وقعتا على اتفاقية وقف الأعمال القتالية سيكون عليهما الالتزام بتطبيقها وبشكل طوعي من أجل الحفاظ على استمراريتها، فالأمر يعتمد عليهما في عدم مشاركتهما الأطراف المحلية التي لم تدخل عملية التوقيع”. وكان تونر أضاف أنّ الولايات المتحدة تعول على ضغط روسي على السلطات السورية لتلتزم بالهدنة في حلب. وتعتبر الولايات المتحدة وروسيا فرض هدنة في حلب أمرا حيويا لدعم اتفاق وقف الأعمال القتالية الذي توسطا فيه بين القوات الحكومية السورية والمعارضة المسلحة في فبراير / شباط الماضي.

وبالتوازي مع اشتعال جبهة ريف حلب الجنوبي، وتحديدا منطقة خان طومان، لفت تأكيد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ونظيره الأميركي جون كيري، في اتصال هاتفي مساء الاثنين، ضرورة مواصلة المباحثات بين الحكومة السورية وجميع أطراف المعارضة، مع الالتزام الصارم بنظام وقف إطلاق النار. وكان لافروف شدد على إحباط قنوات تغذية الإرهابيين عبر تركيا، وضرورة الفصل في أسرع وقت بين الفصائل المعارضة التي تعول على الولايات المتحدة والمجموعات الإرهابية. وكانت وزارتا البلدين قد نشرتا بياناً مشتركاً يؤكد دعوة الطرفين لزيادة الجهود من أجل التوصل إلى تسوية سياسية في سوريا، والتزامهما تجاه «وقف القتال في سوريا وتعزيز الجهود الرامية إلى ضمان تنفيذه على المستوى الوطني». في المقابل، كانت تركيا أعلنت على لسان الناطق باسم خارجيتها، طانجو بيلغيج، أنّ جميع اتفاقيات وقف النار في سوريا، «تبقى حبراً على ورق في ظل استمرار روسيا والنظام السوري، في استهداف المدنيين وقتلهم»، مشيراً إلى أنّ هدف بلاده الرئيسي هو «التوصل إلى اتفاق حقيقي لوقف إطلاق النار في سوريا، بدل القيام بتصرفات من شأنها تضليل الرأي العام»، مشدداً على «ضرورة وقف روسيا والنظام لهجماتهما». واعتبر المسؤول التركي أنّ «امتناع النظام السوري عن طرح ملف الانتقال السياسي للنقاش، أدّى إلى انتهاك جميع اتفاقات وقف الاشتباكات، وزاد من الاعتداءات المتكررة ضدّ المدنيين».

المفارقة الآن أنّ ثمّة ما بدأ يتسرّب عن صراع خفي بين روسيا وايران على موضوع التزام التهدئة، خصوصا بعد مقتل 13 مستشارا عسكريا ايرانيا من الحرس الثوري في خان طومان وجرح 21، بحسب وسائل الإعلام الايرانية. المفارقة الثانية هي أنّ من قاد الهجوم على خان طومان هو “جيش الفتح” الذي تشكّل جبهة النصرة الارهابية نواته الأساسية، الى جانب مجموعات مسلّحة أخرى لا تعتبرها الولايات المتحدة إرهابية.

وفي حين تؤكّد مصادر مطّلعة الى Russia-Now.com أنّ الجانب الروسي يصرّ على الدفع بالتهدئة، لاقتناعه بحصول القوات السورية قريبا على ضوء أخضر أميركي لإطلاق معركة تحرير خان طومان، بعد ضغط الولايات المتحدة على الفصائل المسلحة التي “تمون” عليها للانسحاب من المنطقة، فتبقى النصرة وحيدة. من ناحية أخرى، تشير المصادر ذاتها الى أنّ الايرانيين ومعهم ضباط من الجيش العربي السوري يعتبرون أنّ الانتظار والالتزام بالتهدئة هو بمثابة الوقت الضائع الذي سيسمح للمسلّحين بالتخندق وإرساء قواعد في المنطقة، ما يجعل استعادتها أصعب، ولذا فهم يضغطون باتجاه إطلاق العملية العسكرية في الريف الحلبي الجنوبي في أسرع وقت، خصوصا أنّ خسارة خان طومان بشكل كامل سيؤثر على المنطقة ككل، لكون البلدة تتمتع بأهمية كبيرة لاستطاعة القوى التي تسيطر عليها أن تنفتح على بلدات وقرى ريف حلب الجنوبي؛ حيث تستطيع التحرك بسرعة نحو الوضيحي في الجنوب، أو نحو منطقة أورم الكبرى في الجنوب الغربي؛ بالإضافة الى قربها من حلب، الأمر الذي يجعلها على تماس مباشر بالمدينة.

وفي حين تشير المصادر الى مخاوف عسكرية سورية من بدء “جبهة النصرة” التقدم نحو بلدة الحاضر إلى الجنوب في عمق ريف حلب الجنوبي، لكون الوصول إلى الحاضر يعني الوصول إلى العيس ورسم الصهريج، والاقتراب كثيرا من الطريق الدولي الاستراتيجي الذي يربط بين مدينتي حلب وحماة، مرورا بخان شيخون وسراقب في محافظة إدلب، فإنّ معلومات حصل عليها موقع Russia-Now.com تؤكّد أنّ الجيش العربي السوري حسم قراره، وهو “لن يسمح للإرهابيين بالتمدّد أكثر، وعملية التحضير للحملة العسكرية لتحرير خان طومان جارية على قدم وساق، وساعة الصفر اقتربت كثيرا”.

Author: Firas M

Share This Post On

Submit a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Top

Pin It on Pinterest

Share This

مشاركة

شارك هذا المقال مع صديق!