مقدّمة :
هل يمكن استشراف مآلات التجربة الديمقراطية الجديدة بدقة في ظلّ تحوّلات عميقة تشهدها مختلف عناصر الحكم : السلطة التنفيذية برأسيها، الحكومي وربما المستهدف من الجميع ومن لا أحد. والرئاسي الباحث عن صلاحيات أوسع (لصالح بعض القوى المراهنة على مؤسسة الرئاسة الان قليلا وكثيرا غدا،إذ أن الرئيس الحالي لديه من الكاريزما ومن “الاكتفاء” ما يزهده في طلب أية صلاحيات أخرى)، والسلطة التشريعية ممثلة في برلمان لم تعد كتله الحزبية تعكس المشهد الحزبي خارجه، وأحزاب سياسية تعيد تشكيل نفسها على أبواب انتخابات بلدية قريبة(رغم أنها في عين كل الاحزاب تقريبا “قدر” ترغب في تأخيره ما أمكنها)، ومنظمة نقابية في مفترق خيارات حارقة بين استحقاقات اجتماعية ملحّة لقواعدها وبين مؤشرات الانهيار الاقتصادي الشامل الذي سيأتي على كل المكاسب القديمة ؟ هل تفلح النخب السياسية التونسية في إدراك مخاطر المرحلة الحالية وتستبق ما يلوح في الأفق من هزّات قد تهدّد كيان الدولة برمته لا العملية الديمقراطية فقط ؟ ولماذا وصلت الديمقراطية التونسية الجديدة هذا القدر من الهشاشة الظاهرة ؟ أم أننا إزاء “أوجاع” مخاض تاريخي طبيعي لن يعدم التونسيون نخبا وشعبا عبقرية وبصيرة التحكّم في اتجاهاته والصبر على جمره ؟
“مخاطر” الدّيمقراطية في تونس:
تمت الانتخابات الرئاسية والتشريعية سنة 2014 تحت شعار إنهاء المرحلة الانتقالية “التأسيسية” ودخول المرحلة السياسية الدائمة، مرحلة الاستقرار الديمقراطي . وكان مجرد الوصول لتلك الإنتخابات إنجازا سياسيا وطنيا خارقا، تطلب حوارا وطنيا جامعا نجح في تعبئة كل طاقات المجتمع السياسي والمدني والشعبي ضمن عملية انتخابية ديمقراطية تنفس فيها المجتمع قيمة الحرية لأول مرة في تاريخه الحديث وربما القديم أيضا، رغم كل ما يمكن أن يوجه من نقد “نظري تاريخي” للديمقراطية في سياق دولي معقّد لا يخلو من رهانات الهيمنة الاقتصادية والإلحاق الثقافي والسياسي. استجمعت الديمقراطية التونسية بين 2011 و2014 الشروط الدنيا لانطلاقها. وأول هذه الشروط وعي المجتمع بمختلف نخبه وفئاته بضرورتها بديلا عن الاستبداد وحكم الحزب الواحد والزعيم الأوحد. فكان أن شهدت البلاد اندفاعا (منه التلقائي ومنه المصنوع ) في تأسيس الأحزاب السياسية للتنافس على نيل التفويض الشعبي لقيادة تونس الجديدة. تلك البانوراما الحزبية جعلت من الانتخابات التأسيسية “مهرجان حرية” يعد باستنبات هذه القيمة الوجودية نهائيا في تربتنا الحضارية. تلك الحرية نفسها هي التي أتاحت للقوى المتضررة من الثورة أن تنطلق في مسار تخريب الانتقال التاريخي من الداخل مستغلّة حالة قصور عميق في وعي النخب السياسية”الجديدة” التي انخرطت في حروب إيديولوجية بينية لتفسح المجال والوقت لفاعلين جدد نجحوا في تحريف أجندة الثورة وتحويل مسار الانتقال السياسي نحو معارك عبثية مدمرة. وها هي البلاد بعد أربعة عشر شهرا من الانتخابات تقف على حافة أزمة سياسية ، أهم مظاهرها :
– حكومة ، يُفترض أنها تحكم باسم ائتلاف حزبي رباعي، تفتقد الدعم السياسي الكافي من طرف هذا الإئتلاف ، وربما هي مستهدفة من بعض مكوّناته، بل وتختلف المواقف منها داخل كل حزب من الأحزاب الحاكمة.
– مرور أحزاب الحكم ، والحزب الأول أساسا، بأزمات داخلية عميقة وبامتحان إعادة تأسيس(حركة النهضة) قد تنتهي ببعضها إلى الخروج من المشهد السياسي نهائيا أو على الأقل إلى تقلّص مهمّ في الحجم والدور.
– ارتباك المشهد البرلماني من حيث توزيع الكتل النيابية بعد عمليتي انشقاق كتلة الحرة عن كتلة نداء تونس وانسحاب أربعة نواب من كتلة الوطني الحر وتعطل اليات التنسيق بين ممثلي الإئتلاف الحاكم وتعطّل عمل اللجان التشريعية واستهداف معلن لرئاسة البرلمان . بما ينذر بشلل السلطة التشريعية وهي الضلع الضامن لشرعية العملية الديمقراطية الوليدة.
– إلى جانب هذا كله ، والأهمّ منه ربما، أن البلاد تشهد حالة احتقان اجتماعي وبوادر أزمة اقتصادية واجتماعية شاملة بعد أن كادت آلة الإنتاج تتعطّل كليا في قطاعات حيوية كالفسفاط لثلاث سنوات متتالية وحتى الان ، وبعد ان انخرطت كل القطاعات المهنية في مسار مطلبية نهمة بمباركة من المنظمة النقابية الكبرى التي تحوّلت – باختيار من بعض القوى السياسية التي تتمترس داخل هياكلها ، وملأ للفراغ الذي خلفه ضعف الأحزاب أحيانا أخرى- إلى قوّة سياسية تستطيع أن تملي إرادتها على كل الحكومات المتعاقبة. حكومات اضطرّت للتداين المفرط لتغطية زيادات أجور جنونية خالية من المنطق الإقتصادي ( زيادات أجور مصحوبة بارتفاع جنوني للأسعار وارتفاع نسب التضخّم بما لا ينتج تحسّنا في المقدرة الشرائية.. في دائرة عبثية مغلقة) في الوقت الذي تتضاعف فيه أعداد العاطلين سنة بعد أخرى خصوصا بعد أن أوشك قطاع السياحة الحيوي على التوقف نهائيا بعد عمليات سوسة وباردو ومحمد الخامس ثم بن قردان أخيرا. هذه الأزمة الإجتماعية الحادة تهدّد بانهيار البنيان الديمقراطي برمته في كل لحظة. وها هي أصوات عديدة ترتفع منادية بأولوية الخبز على الحرية والكرامة، في نزوع معلن إلى طي صفحة الإنتقال الديمقراطي والعودة إلى مربع الإستبداد أو الاكتفاء بديمقراطية “موجّهة” طيّعة لا تهدّد مصالح لوبيات الفساد . فساد يكاد يصبح “نمط إنتاج” معولم (كما بينت لنا جزئيا وثائق بنما التي سرعان ما تم التعتيم عليها وعلى استتباعاتها القانونية والسياسية المفترضة).
من الديمقراطية المنقذة إلى الديمقراطية “المأزق” :
الزمن الثوري زمن استثنائي مكثّف وعالي السرعة ومفاجئ ، لذلك انتقلت تونس في ظرف ثلاث سنوات من حالة احتفال شعبي واحتفاء مجتمعي بالأحزاب باعتبارها من أدوات الديمقراطية والحرية ، إلى شيطنة شبه كلية للأحزاب. شيطنة تمت ترجمتها في انتخابات 2014 في ما سمي ب”العزوف الانتخابي”. وتطورت الآن إلى ما يشبه حالة”ازدراء الأحزاب” وتأثيم الانتماء الحزبي بحجة أن كل السياسيين يبحثون عن منفعتهم الخاصة على حساب المصلحة الوطنية العامة. تيئيس الناس من جدوى الديمقراطية برمتها هو هدف استراتيجي تعمل على تحقيقه كل القوى التي لها مصلحة في تحييد الإرادة الشعبية العامة لصالح خيار الدكتاتورية. وهو أيضا هدف تكتيكي مرحلي للقوى التي تقدّر أن موازين القوى الحالية ليست في صالحها فتفكر في التقليص من حجم المهتمين بالشأن السياسي العام وبالتالي من الناخبين. هذا التيئيس اتخذ استراتيجيات عديدة أخطرها استدعاء الفاعل “الإرهابي” الشبحي ( الذي خصصنا له مقالا سابقا للبرهنة على تعقّد الرهانات المحلية والاقليمية والدولية عليه بما يتيح لنا الحديث عن “اقتصاد سياسي للإرهاب” ) وزرعه في قلب العملية السياسية الجديدة الهشة تمهيدا لتبرير الدعوة إلي “إرجاء” الديمقراطية والتفرغ لمواجهة التهديد الذي يستهدف كيان الدولة . مواجهة يراد لها أن تكون “دولية” عابرة للحدود والكيانات وفوق القوانين العادية “المدنية” ، بما يتيح تغيير التشريعات الحامية لسيادة الدول والقوانين الحافظة لحقوق الإنسان الأساسية. بلغت سياسة شيطنة الأحزاب والتيئيس من الديمقراطية وتصويرها على أنها مهمة مستحيلة في السياق الوطني والدولي الحالي بعض أهدافها اليوم، ونجحت في امتصاص نسبة مهمة من زخم الحماس للحرية الجديدة التي جاءت بها الثورة ، وفقدت فئات واسعة من الشعب (رغم نسبية كل ما يقدّم من أرقام في هذا السياق) ثقتها في المستقبل عموما . ولكن اعتبار الديمقراطية “مأزقا” وكارثة سيظل طرحا عاجزا عن الإقناع والصمود في بلد راكم تقاليد إصلاح وعقلانية وحداثة في وعيه وفي واقعه ، وتوّجها بحدث ثوري بلغ صداه ومداه كل أرجاء الأرض ولا يمكن أن يستنفد طاقة دفعه الروحية والوجدانية والفكرية في أمد قريب إن توفر لدى النخب وعي بهذه الطاقة ورغبة صادقة في تعهدها وتفعيلها.
أحزاب جديدة لديمقراطيّة ممكنة :
كل مكوّنات المشهد السياسي التونسي (الحزبي والنقابي والجمعياتي المدني ) ذات خلفيات إيديولوجية قديمة تشترك كلها في ادعاء امتلاك الحقيقة المطلقة والعمل على نفي الاخر المختلف عنها ايديولوجيا وإقصائه فكريا وماديا لتمارس “اكتمالها” وتبشّر ب”حقيقتها” وتفرضها على الجميع. هذا النزوع الاستبدادي المغلف بوهم الايديولوجيا كان قاسما مشترك بين الجميع. يتغير الان الجميع بأقدار مختلفة أيضا تحت ضربات الواقع الموجعة ، ويتعايشون اضطرارا تحت سقف برلمان واحد و”يتنافون” بوسائل أقلّ عنفا ولكنها لا تخلو منه أبدا. هذا العنف المروّض ديمقراطيا و”أخلاقيا” وربما بغريزة الخوف فقط ، ينفلت أحيانا كثيرة سبابا وغضبا وهياجا وتوترا بدائيا واستعدادا دائما وأحمقا لرمي جنين الديمقراطية مع غسيل التصفية الإيديولوجية. ولكن يبدو أن الجميع في طريقه للاقتناع الطوعي أو التسليم القهري بأن قانون التغيّر أقوى من كل حصون الوهم . وأن الكون كله يتغيّر في اتجاه البحث عن سبل جديدة لازدهار الذات الإنسانية خارج أسوار الشعارات السياسية الفقيرة وخارج المعارك الصغيرة حول فتات وبقايا أوطان أصبحت شؤونها تُدار من مراكز وشبكات المال المعولم معلوماتيا وعسكريا.هذه التحوّلات الكونية في طريقها إلى صنع متطلباتها السياسية في كل دول العالم تقريبا وفي دولنا الضعيفة التي لا تملك مقوّمات الصمود أمام آليات الهيمنة المعولمة التي خرجت عن طوع دول ما كان يعرف بالمركز الاستعماري نفسها. هل يعني هذا أننا لم نعد نملك في أوطاننا المستباحة من حظوظ الفعل في مستقبلنا شيئا؟ سؤال ميتافيزيقي يحتاج إجابة ميتافيزيقة مستغنية عن البرهنة:
طبعا لا. لأن مكر التاريخ لا حدود له. ولأن طبيعة الفعل الإنساني عصية على البرمجة والتوقّع. إجابة قد لا تقنع العقل الإيديولوجي خاصة، ولكنها في تقديرنا كافية لتوقّع اتجاهات المشهد الحزبي بناء على ما سبق في تحليلنا من تشخيص لمسار تأسيس الديمقراطية التونسية وأزمتها .
* كثيرون يتوقّعون نهاية حزب حركة نداء تونس بعد أن تعطّلت كل مؤسساته القيادية وانخرط مؤسسوه في حرب مواقع وتوزّعوا بين مناصب حكومية ومناصب في مؤسسة الرئاسة وما بقي من هياكل تسيير الحزب بغاية إحيائه واستعادته قبل المواعيد الانتخابية القادمة. الان تشهد الساحة الندائية حراكا معقّدا ، آخر محطاته مبادرة “إعادة بناء مشروع حركة نداء تونس” التي تضم أسماء ممّن بقي في الحزب وممن انشق عنه وممن التزم الصمت والحياد في مختلف مراحل الأزمة. نظنّ أن دواعي قيام الحزب ما تزال قائمة بقوّة. وان الأزمة التي مرّ بها النداء “طبيعية” جدا بالنظر للنتائج المربكة للانتخابات الأخيرة التي اضطرّته للتحالف مع خصم أقام كل استراتيجيته الانتخابية على قاعدة التبشير بإزاحته من الحكم، فإذا به يجد نفسه مضطرا لتفويضه ليحكم بدلا عنه في انتظار أن يسوي مشاكله الداخلية، ولعدم توفّره على بدائل قيادية في حجم الباجي قائد السبسي، ولعدم تقدير مسبق لحقيقة وحجم التحديات الواقعية التي ستواجهه في حكم البلاد.النداء تجمّع إيديولوجيات قديمة انتهت صلوحيتها ، متناقضة، كادت تنجح في الاتفاق على مشروع غير إيديولوجي براغماتي عملي في مواجهة مشروع “إسلامي” غائم الملامح وملتبس بنزوعات ارتداد عن مكاسب الإصلاح والتحديث حتى الديني منها. لذلك ستظلّ فرصة عودة حزب نداء تونس قائمة بقوّة ، ولكنها متوقّفة على نجاحه في تجميع عناصر انطلاقته الأولى ، وحينها سيجد بالضرورة الآيات المناسبة لإدارة الصراع داخله مستفيدا من دروس “أزمة الحكم المفاجئ”.
*حركة النهضة في وضع تاريخي مربك .إذ تجد نفسها مؤتمنة على نيابة شريكها الأكبر في الحكم ، دون أن تكون لديها الرغبة ولا القدرة على تحمّل أعباء الحكم في ظرف وطني وإقليمي ودولي خطير ومتقلّب. وهي إذ تحرص على استمرار التوازنات الحالية في الحكم تدرك هشاشة هذه التوازنات كما تدرك بنفس القدر خطورة انهيارها أمام انعدام بدائل واضحة للحكم. وهي تدرك أيضا أنها مطالبة بتقديم المثال على “جدوى ” الديمقراطية في مؤتمرها القادم وعلى جدارة “نهائية” بالمشاركة في التأسيس الديمقراطي ، دون المجازفة باحتمال أن ينقلب هذا المثال إلى انقسام عميق داخلها بين من يتوجه بنظره إلى المستقبل وبين من يرهن خياله لماض كفّ عن الحياة منذ قرون.
حركة النهضة حزب ممكن جدا ومستحيل جدا في نفس الوقت ! قاعدته الاجتماعية متحركة ، وأفقه النظري ملتبس رغما عنها ، ورغم كل الجهود النظرية والسياسية التي تقدّمها قياداتها بأقدار متفاوتة من النجاح والفشل ، بتقاطعات ثقيلة الوطأة مع التيارات الدينية العنيفة. سننتظر المؤتمر العاشر للحركة لنرى مدى قدرة النهضة على استباق التحوّلات الضرورية للبقاء وتحوّلها النهائي إلى تنظيم سياسي مدرك لمقتضيات التاريخ الجديد في تونس والعالم . لسنا في معرض التنبؤ ولكن نظن أن منهج التدرّج والمراوحة سيلازم الحركة إلى حين.
* المشاريع الحزبية الوسيطة ( ولا نقول الوسطية بما يوحي بتطرف المكوّنين الاخرين) بين النداء والنهضة عديدة .وهي لا تعدم مشروعية وجود. فبعضها يجرّ خلفه رصيدا طويلا من النضال الحقوقي والسياسي ضدّ الديكتاتورية وإيمانا حقيقيا بقيمة الحرية بما يؤهله لتموقع ما في ساحة الفعل (المنصف المرزوقي ونجيب الشابي مثالا). وبعضها يطمح في وراثة مشروع نداء تونس أو مصاحبته تنافسا وتحالفا ( حركة مشروع تونس، والمبادرة ، ومراكز التفكير الجديدة مثل مركز المهدي جمعة..) ويمتلك من النضج السياسي ومن التجربة ما يرشحه لتبوّئ مكانة مهمّة في المشهد القادم. ومنها من يعتقد في فرادته الإيديولوجية (الجبهة الشعبية) ويصرّ على “التبشير” بامتلاكه بدائل جذرية ستضع حدا لكل مشاكل البطالة والفقر والتفاوت الجهوي والتداين والتدخل الدولي في شؤوننا .. بمجرد وصوله للحكم. وهو خطاب يجد صدى في قلوب الشباب الممتلئ بأحلام مشروعة ولكنها ممتزجة باليوتوبيا والوهم. وهم لا يخلو من خطورة لأنه يصبّ في نهر التفكير العدمي الذي يرى في الديمقراطية الليبرالية زيفا مطلقا ويعد بديمقراطية اشتراكية بدائية تحقق العدل المطلق ، تماما كالخلافة.
خاتمة :
أزمة الحكم الحالية في تونس ليست أخطر من أزمة فيفري وجويلية 2013 إثر عمليتي الاغتيال السياسي حين كانت البلاد على حافة الفوضى قبل أن يتوصل الفاعلون السياسيون إلى تنظيم حوار وطني سيظلّ حقيقا بالتثمين والتفعيل كلما دعت الحاجة إليه. إنها أزمة من “داخل الديمقراطية” لا من خارجها. وستصب استراتيجيا في بلورة شكل نظام الحكم الجديد في تونس بما يناسب مستوى نضج النخبة والشعب، وشكل الديمقراطية التونسية الحديثة. ولكنها أزمة لن تكون بدون نتائج هيكليّة ستمسّ بنية الأحزاب الحاكمة جميعها في اتجاهات مختلفة. ولا يجب أن يفاجئنا اندثار أحزاب توصف بال”كبيرة” وصعود أخرى جديدة وعودة من ظننا أنه انتهى من رموز السياسة قبل الثورة أو بعدها.إذ للديمقراطية، وللتاريخ من قبلها ومن بعدها شؤون.