12 تريليون دولار خسائر الاقتصاد العالمي جراء كورونا… وماذا عن لبنان؟


لا شك بأنّ الاقتصاد العالمي تكّبد خسائر ضخمة جراء وباء كورونا، وبالرغم من عدم وجود أرقام نهائية تحدد حجم هذه الخسائر ومدى تأثيرها على الاقتصاد العالمي الا أنّ تقديرات الخبراء الاقتصاديين تشير الى خسائر بقيمة 12 تريليون دولار توزعت بين القطاع السياحي وقطاع النفط وقطاع النقل.

كورونا ضربت قطاعات النفط والسياحة والنقل

لعل الحصّة الأكبر من الخسائر كانت من نصيب قطاع النفط. فبحسب تقرير أوبك (وهي منظّمة عالمية تضم 11 دولة تعتمد على صادراتها النفطية اعتمادا كبيرا لتحقيق مدخولها) هبط النفط بنسبة 9.77 مليون برميل في اليوم.

وفي الوقت الذي استطاعت فيه بعض الدول الكبرى المصدرة للنفط تخطي الازمة بأقل خسائر ممكنة، كالصين مثلا وذلك لامتلاك اقتصادها مقومات الصمود، تكبدت دول أخرى كالسعودية مثلا خسائر كبيرة بسبب ارتكاز اقتصادها على النفط بشكل رئيسي ما أثر على مداخيل موازنتها وجعلها تتوجه الى قطاعات بديلة كقطاع المعلومات والتكنولوجيا. حيث افتتح العاهل السعودي محمد بن سلمان مدينة الابتكار العلمي ” The line “.

ويأتي قطاع النقل في المرتبة الثانية من بين القطاعات التي تكّبدت أعلى نسب خسائر في العالم بسبب جائحة كورونا، فقطاع الطيران وحده خسر حوالي الـ 1.1 تريليون دولار، ما أدى إلى خسائر اقتصادية قدرها 2 تريليون دولار في الناتج المحلي الإجمالي العالمي (أي في مجمل السلع او الخدمات التي تنتجها دولة في مرحلة معينة). هذا وبلغت خسائر الخطوط الملاحية العالمية 350 مليون دولار من عوائدها أسبوعيا.

وبدوره تكبد القطاع السياحي أيضا خسائر ضخمة، فوفقا لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة خسر القطاع السياحي حوالي 935 مليار دولار. حيث تراجع عدد السواح بنسبة 80%.

في روسيا مثلا خسر القطاع السياحي 29 مليار دولار في عام 2020، اما القطاع السياحي في مصر فكان يخسر ما يقارب المليار دولار في الشهر.

اما فيما يخص الوظائف التي خسرها المواطنون حول العالم فتوقعت الأمم المتحدة خسارة 25 مليون شخص حول العالم لوظائفهم.

مصائب قوم عند قوم فوائد

 

بالرغم من الخسائر الضخمة التي الحقتها جائحة كورونا ببعض القطاعات الاقتصادية الا انها كانت محركا رئيسيا لقطاعات أخرى ومنها القطاع التكنولوجي حيث حققت تكنولوجيا التعليم عن بُعد، أو ما يُطلق عليه قطاع الـ “Ed-Tech أرباح بقيمة 4.1 مليار دولار في الأشهر الـ 3 الأولى من عام 2020.

كذلك، حققت الشركات الناشئة في تكنولوجيا الصحة أرباحا بقيمة 9.1 مليار دولار، هذا ولم تقتصر الاستثمارات في قطاع الصحة التقنية على الأبحاث الدوائية أو السريرية أو تطوير العلاجات فقط، بل امتدت لتشمل خدمات التطبيب عن بُعد كتشخيص المرض ومتابعة الحالة دون الحاجة إلى الذهاب إلى الطبيب، إلى جانب منصات الصحة العامة واللياقة البدنية والعلاج النفسي والسلوكي، التي لاقت رواجا كبيرا خلال عام 2020.

وفي الإطار نفسه نذكر شركات الدفع الرقمي أو الآلي التي حققت ارباحا كبيرة في ظل جائحة كورونا ومن هذه الشركات نذكر “فوري” المصرية التي تخطّت قيمتها السوقية حاجز المليار دولار بزيادة في سعر أسهمها بقيمة 300%.

من جهتها اكتسحت منصات العمل عن بُعد دول العالم، حيث نقلت جميع المحطات الاعلامية، والشركات العالمية عملها على هذه التطبيقات، ومن أشهرها نذكر تطبيق “زووم” الذي أعلن عن إيرادات بقيمة 328 مليون دولار في الربع الأول من عام 2020 ثم إيرادات بقيمة 663.5 مليون دولار في الربع الثاني من العام نفسه.

اما محلات التسوق “الاونلاين” فحققت أرباحا هائلة، وأشهرها “”amazon حيث تخطت ثروة جيف بيزوس صاحب أمازون حاجز الـ 200 مليار دولار بعد ارتفاع أسهم شركته، ليصبح اغنى رجل في العالم.

لبنان يخسر بين 250 و300 مليون دولار نتيجة الإقفال العام لمدة 15 يوماً

أما في لبنان فضربت كورونا قطاع الخدمات والنقل والطيران والطبابة والاستشفاء والتجارة. حيث تراجع القطاع التجاري بنسبة 60 % وقطاع الصناعة بنسبة 50%، بينما أعلن القطاع السياحي والخدماتي تشييعه بعد إقفال حوالي 1000 مؤسسة سياحية ومطعم وملهى ومقهى وشركات صغيرة في الأشهر القليلة الماضية.

أما حجم الخسائر التي تكبدها قطاع المطاعم شهرياً في عام 2020 فقدرت بـ 500 مليون دولار.

كما تسببت جائحة كورونا بصرف نحو 40 ألف موظف وعامل في قطاع الخدمات فيما تعاني المؤسسات المتبقية في هذا القطاع من خسائر إضافية قد تتضاعف وفق المدة التي سيطول فيها الإقفال، بسبب أزمة سعر الصرف، على الرغم من أن تجارة التجزئة والدليفري ناشطة نسبياً، في ظل التزام الناس بيوتها.

كما طالت كورونا قطاع النقل العام، (التاكسي، الفانات، البوصات، السيرفيس)، والمياومين الذي يعيشون من مدخولهم اليومي جراء أعمالهم اليدوية أو الحرة.

هذا ويقدر الخبراء الخسائر نتيجة الإقفال العام لمدة 15 يوماً بين 250 و300 مليون دولار على الأقل، فكلما امتد إجراء التعبئة العامة كلما ارتفعت الخسائر الاقتصادية.

أما خسائر شركات الطيران اللبنانية فوصلت تقريبا إلى الـ 100 مليار دولار، فيما انخفضت الرواتب الى النصف بسبب تعذر بعض المؤسسات عن الدفع. كما انخفض مصدر إيجارات الشقق السكنية بنسبة 30 % مع هجرة العديد من اللبنانيين وعدم تمكن العدد الآخر من سداد الأجور.

من ناحية أخرى تخطّت نسب الدين العام ١٧٠٪ في حين أنّ المعايير العالمية لا تنصح بتخطي الدين نسبة الـ80٪ من الناتج المحلي.

ما الحل؟

امام هذا الواقع الصعب لا يزال هناك حلول يمكن للمعنيين اعتمادها بعد تشكيل حكومة جديدة:

أولها استغلال الركود الاقتصادي العالمي، والإسراع في تأسيس ووضع سياسة اقتصادية وطنية شاملة، مع إعفاءات ضريبية وإعفاءات من الرسوم على الشركات الناشئة والمؤسسات الصناعية الى جانب وضع خطط لإعادة احياء كل من القطاعين الصناعي والزراعي بهدف تامين اكتفاء اقتصادي من السلع اللبنانية للسوق اللبناني وتصدير الفائض ما سيعدل العجز في الميزان التجاري.

– الى جانب تحفيز السياحة في لبنان بعد وضع بروتوكول سياحي، فالأزمة جعلت من لبنان بلدا “رخيصا” نسبيا ما سيشجع السواح للقدوم الى لبنان، شرط ضبط الامن طبعا وتخفيض نسب الإصابات بكورونا.

-واذا نقلت الدولة عملها على المنصات الالكترونية، ستزيد بذلك حجم الإنتاجية في الوقت الذي لا يداوم فيه موظفو الدولة في الدوائر العامة بسبب الاقفال العام.

– اعداد موازنة وقطع حساب لترشيد الانفاق وضبطه، مع ضمان جباية سليمة للضرائب، وضبط الحدود ومنع التهريب.

– إيجاد حلول علمية لحل ازمة السيولة في المصارف وضبط سعر الصرف.

-تشجيع الشركات والحكومات الأجنبية على الاستثمار في البنى التحتية وقطاع النقل في لبنان.

في الختام نؤكد ان الحلول كثيرة، الا انها تحتاج الى إرادة حقيقية، وللأسف هذه الأخيرة غير متوفرة لدى المسؤولين عن إدارة شؤون هذا البلد، فالسياسة والمصالح الضيقة وفكر المحاصصة في لبنان تغلب على الشأن الاقتصادي والوضع المعيشي وهموم المواطنين.

 

باولا عطية
صحافية متخصصة بالشأن الإقتصادي
تحمل شهادة الماجستير في الإعلام الاقتصادي والتنموي والإجازة في العلوم السياسية والإدارية من الجامعة اللبنانية. والإجازة في الصحافة والتواصل من جامعة الروح القدس الكسليك.

Author: Hassan Khazaal

Share This Post On

Submit a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Top

Pin It on Pinterest

Share This

مشاركة

شارك هذا المقال مع صديق!