ألا يعتبر نموذج المقاومة التي حررت الأرض بقدرات لبنانية وبشهداء ضحوا بأنفسهم على مذبح الوطن، كافيًا للإيمان بالخيارات والامكانات الداخلية؟ خاصة بعد هزيمة الجيش الأقوى في الشرق الأوسط وطرده إلى غير رجعة من الاراضي اللبنانية.
الجواب واضح طبعًا، لكنّ غالبيّة الطبقة السياسية في لبنان التي لم تؤمن يومًا بقدرات هذا الشعب، لم تستطع حتى الآن أن تبدّل في نهج التعاطي الدوني معه، وخير دليل على ذلك توظيف شركة “ماكنزي” لانقاذ الاقتصاد اللبناني، بمخطط لا يشبه واقع البلاد والشعب والاصلاح المنتظر!
ففي الوقت الذي يملك لبنان خبراء مميزين في مجال الاقتصاد، قادرين على النهوض به من أزمته، نرى الحكومة تستورد حلولًا أجنبيّة بهدف الاستفادة من الاختام الأميركيّة وتجييرها للاستدانة مجددًا وتحقيق المصالح الخاصة مقابل الارتهان الاقتصادي، مع ما يعنيه ذلك من استخفاف بالقدرات الداخلية واحباط لطموح وقدرات الشباب اللبناني.
فـ”ماكنزي” لن تكون كتابًا اقتصاديًّا مفتوحًا، وهي قطعًا لا تعرف تاريخ لبنان الاقتصادي، وبالاطلاع على تفاصيل خطتها نرى أنّها تتعاطى مع لبنان كدولة نامية ونائية دون تشخيص العلّة الحقيقيّة وكيفية العلاج. وبكل وضوح تشكّل “ماكنزي” غطاءًا لمؤتمر “سيدر”، الذي فُرض في البيان الوزاري، والذي سينكشف عاجلًا أم آجلًا أنّه يحمل أهدافًا اقتصاديّة وسياسيّة ضد مصلحة لبنان.
الهدف من خطة “ماكنزي” العبقريّة حماية مخططات البنك الدولي وتشريع قوانين على قياس الخصخصة التي يسوّق لها على أنّها “المنقذ الوحيد”، وتثبيت سياسة الاستدانة كأمر واقع لا مفر منه، واعتماد النمو على الدين، وربط الاصلاحات بزيادة الضرائب. الشركة الأميركيّة رُسخت كـ”دستور اقتصادي” لتمرير قوانين اقتصاديّة لا تشبه الواقع اللبناني في المجلس النيابي.
اليوم، بات الطريق ممهدًا لفرض وصاية اقتصاديّة خارجيّة، وأميركيّة تحديدًا، لرهن لبنان ومنعه من الاستفادة من مصادر الطاقة (النفط والغاز)، ومن يتابع كلام السفيرة الاميركية من السرايا الحكومي يلحظ ذلك.
وبالتالي ستكون النتيجة إفشال عهد الرئيس ميشال عون ومحاصرته، ووضعه في مرحلة لاحقة بمواجهة مع الشعب، جراء التداعيات الخطيرة لـ”القرارات الجريئة”.
وفي ظلّ هذا الواقع، يبقى السؤال، من يحتاج “ماكنزي” و”سيدر”؟