علّقت الصحف اللبنانينة صباح اليوم على الضربة العسكرية السورية التي استهدفت مواقع عسكرية اسرائيلية في الجولان المحتلّ أمس، وأشارت الصحف الى أنّه في السياق العسكري، كان اللافتُ للانتباه نأي إيران بنفسها عن قصف مواقع إسرائيلية في الجولان، وهي من المرات الأولى التي تُستهدَف فيها هذه المواقع التي تُعتبر حسّاسة بالميزان العسكري الإسرائيلي وكذلك عدم رفع اسرائيل للوتيرة الحربية، بل الردّ المحدود، من دون أن تلجأ الى إجراءاتٍ أو تعليماتٍ احترازية في جبهتها الداخلية، وهو الامر الذي بدا وكأنها غيرُ راغبة بالذهاب الى تصعيد أكبر. طبعاً هذا لا يعني النوم على حرير، وتجاهُل ما قد يختنزه العقل الاسرائيلي السياسي والعسكري من مفاجآت عدوانية تجاه المنطقة.
الى ذلك اعلن وزير الدفاع الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان إن الجيش الاسرائيلي استهدف معظم البنى التحتية الإيرانية في سوريا. وقال:»آمل أن تكون الرسالة وصلت، إسرائيل لا تريد تصعيداً، لكنها لن تسمح لأحد بمهاجمتها أو بناء بنية تحتية للاعتداء عليها في المستقبل».
الكلام الاسرائيلي هذا، لاقته واشنطن بتحذيرِ البنتاغون «من تنامي النشاط الإيراني المزعزِع لاستقرار المنطقة من داخل الأراضي السورية»، متّهماً طهران «بنقل نحو 70 ألف مقاتل إلى سوريا منذ 2015 بينهم من 7 و10 آلاف مقاتل من «حزب الله»، ونحو 5 آلاف لـ«فيلق القدس» و«الباسيج»، فيما ينتمي الباقون إلى «لواء الفاطميون» و»حركة حزب الله النجباء»، إضافة إلى مرتزقة إيرانيين وعراقيين.
ونقلت قناة «الحرة» عن مسؤول رفيع في البنتاغون قوله: «إنّ مخاطر التهديد الإيراني تزايدت في الآونة الأخيرة مع نقل صواريخ استراتيجية إلى سوريا». واتّهم طهران «بشحن صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى إلى مناطق تقع تحت سيطرة النظام السوري وبناء قواعد صاروخية تحت الأرض، ونشر صواريخ مثل «زلزال» و«فاتح» التي قد يصل مداها إلى نحو 200 كيلومتر».
«حزب الله»
وابلغت أوساط قريبة من حزب الله الى «الجمهورية» أن «ما حصل في الجولان المحتل هو عملية عسكرية ضخمة لجهة حجم الرد وعدد ونوعية الصواريخ التي أطلقت، ومن بينها صواريخ نوعية ذات مديات بعيدة. وإذا سلمنا بالدعاية الإسرائيلية بأن هناك 20 صاروخاً أسقطت فهناك 40 أصابت أهدافها.
وأوضحت الأوساط ان المواقع العسكرية التي أصيبت في الجولان هي مواقع ضخمة، كبيرة المساحة، تضم عديداً كبيراً وتجهيزات حديثة ومتطورة».
وتوقف خبراءُ عسكريّون قريبون من المحور الذي تقوده روسيا في سوريا، عند التطوّر العسكري الذي شهدته الأرض السورية في الساعات الـ48 الماضية، وسجّلوا ملاحظات عدة خلصت الى اعتبار القصف الصاروخي للمواقع الاسرائيلية، عمليةً ضخمة من حيث حجم الرد ونوعية الصواريخ وعددها وبينها صواريخ بعيدة المدى أصابت أهدافها، في المواقع الإسرائيلية في الجولان، والتي تُعتبر ضخمةً وعالية التطوير والتجهيز.
وبحسب الخبراء «فإنّ هذه العملية هي الأولى من نوعها في الجولان منذ العام 1973، والقصد الأساس فيها كسر هيبة إسرائيل، واهميتها أنّ جهة ( إيران) قرّرت أن تردّ على استهداف مواقعها في سوريا، وردّت رغم كل التهديدات». وأشاروا الى أنّ هذه العملية تمّت بنجاح على الرغم من اليقظة الإسرائيلية وطيرانها الحربي، واجهزة الرصد المتطوّرة التي تستخدمها تعمل على مدار الساعة، ومع ذلك عبرت الصواريخ وأصابت أهدافها، متجاوزةً كل التشكيلات والمنظومات الدفاعية لإسقاطها التي نصبتها إسرائيل في الجولان».
وسجّل الخبراء «أنّ القصف الصاروخي للمواقع الاسرائيلية، كشف خللاً كبيراً لدى الاسرائيليين تمثل في أنّ الجبهة الداخلية لم تكن جاهزة لمثل ما جرى، ومن هنا سارعت اسرائيل بعد القصف الى إجراءِ اتّصالاتٍ في غير اتّجاهٍ دولي طلباً للتهدئة، بما ينفي تهديدات مجلس الامن الإسرائيلي المصغّر، وتحريكِ قواتٍ إسرائيلية في اتّجاه الجولان».
ولاحظ هؤلاء «أنّ القصف الإسرائيلي الذي تلا استهدافَ المواقع في الجولان، استهدف اماكن سبق أن أُخليت، وهذا ينفي المقولة الإسرائيلية بأّنّ الغارات دمّرت كل قواعد إيران في سوريا، هذا الأمر عارٍ من الصحة، ما عدا بعض المواقع المتعلّقة بالدفاع الجوّي السوري الذي أثبت قدرتَه على اسقاط الصواريخ».
وفي خلاصة تقييم الخبراء «إنّ قصف المواقع الإسرائيلية كرّس معادلةً جديدة: إذا ضربت إسرائيل، فإنّ ذلك لن يبقى من دون ردّ».