احتفى الجزائريون بمرور 29 سنة على انتفاضة 5 تشرين الأول/أكتوبر 1988 التي خرج فيها الشباب الجزائري للتعبير عن غضبه من الأوضاع السائدة آنذاك إثر أزمة اقتصادية خانقة بدأت مع انهيار أسعار النفط في منتصف ثمانينيات القرن الماضي.
ويتذكر الجزائريون تلك الأحداث التي خرج فيها المواطنون إلى الشارع في مختلف مناطق البلاد، منددين بالأوضاع الاقتصادية الصعبة ومطالبين بفتح المجال السياسي والإعلامي، بعد 26 سنة من الأحادية الحزبية التي حكمت البلاد بعد الاستقلال.
وبعد مرور كل هذه السنوات يتساءل الجزائريون عن الإنجازات التي تحققت من انتفاضة أكتوبر، خصوصا وأن هذه الأحداث أدخلت البلاد في نظام سياسي وإعلامي تعددي جديد.
تقول السيدة حدة حزام مديرة صحيفة الفجر لموقع “الحرة” إن الجزائريين لم يستفيدوا كثيرا من انتفاضة أكتوبر سواء على المستوى السياسي أو حتى حرية التعبير التي تراجع سقفها في السنوات الأخيرة.
ورغم ذلك ترى حدة حزام أن هذه الأحداث نتجت عنها بعض الأمور الإيجابية، خصوصا منها ما يتعلق بالتعددية الإعلامية والحزبية.
فمنذ تلك الأحداث، أقر الدستور الجزائري التعددية الإعلامية وسمح بتشكيل الأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات المستقلة، لتحل محل الأحادية في التسيير سواء على مستوى المجالس المحلية أو البرلمان وباقي المؤسسات التي كان يحكمها الحزب الواحد.
تدجين المعارضة
وبرأي حزام، فإن النظام الجزائري تعامل مع هذه المستجدات بذكاء خدم مصالحه، حيث عمل مع مرور الوقت على تدجين المعارضة التي صارت، حسب قولها، “أسوأ من السلطة، لا يهمها سوى تحقيق مآربها”.
وأضافت أن التعددية السياسية في بداية تسعينيات القرن الماضي أفرزت طبقة سياسية كان يعول عليها الجزائريون كثيرا لإحداث نقلة إلى مجتمع تعددي. فالساحة السياسية آنذاك كانت تضم أسماء كان يمكن أن تكون بديلة، بالنظر للخطاب المختلف الذي كانت تتبناه وفهمها لمواطن الخلل في النظام الجزائري.
فالأحزاب السياسية صارت بمرور الوقت في يد النظام تنفذ بها ما تشاء من مشاريع سياسية، بحسب المتحدثة، والسبب يعود إلى أن هذه الأحزاب قبلت لعب هذا الدور بعد أن استفادت من ريع السلطة.
ورغم أن التعددية السياسية أفرزت برلمانا متعددا، إلا أن حزام ترى أن البرلمان لا يجرؤ على محاسبة الحكومة، بسبب الأحزاب التي صارت تمارس معارضة صورية.
حرية التعبير
كانت التعددية الإعلامية من أهم المكاسب التي جاءت بعد انتفاضة أكتوبر 1988، بسبب فتح المجال لأول مرة لإنشاء صحف مستقلة عن السلطة.
وعرفت فترة بداية التسعينيات ظهور العديد من الصحف المستقلة، التي ساهمت الحكومة في ظهورها بسبب تشجيع الصحافيين العاملين في القطاع الحكومي على إصدار صحف من خلال حصولهم على مساعدات من الدولة.
وإذا كانت العديد من الصحف التي أنشأت في تلك الفترة ما زالت تحافظ على صدارة المشهد الإعلامي في الجزائر، إلا أن حدة حزام ترى أن بعض هذه الصحف الجادة تتعرض لضغوطات متواصلة من السلطة، في حين استفادت صحف أخرى من ريع السلطة الذي تمارسه عن طريق منح الإعلانات بطريقة غير عادلة.