الإرهاب وأوروبا: مواجهة أم احتضان؟


حسن مقلد

 

الهجمات الإرهابية التي ضربت قلب أوروبا في العاصمة البلجيكية، تدل على عمق تمكن الإرهاب وتعششه في القارة العجوز.

إذا كان من البديهيات الإنسانية والأخلاقية إدانة الفعل المتوحش لهذه المجموعات المنتمية إلى مرحلة ما قبل التاريخ، فإنه من الفعل العقلي والمنطقي أن يذكر المراقب، أن العاصمة البلجيكية نفسها صنفت وجعلت لمدة عامين ونيف ساحة تجميع لكل جهاديي أوروبا المتوجهين إلى سوريا برعاية مختلف أجهزة المخابرات الاوروبية وإشرافها.

رموز أساسية من النخب الأوروبية، خصوصا الفرنسية، كانت تتباهى بالعلاقة مع هؤلاء على أساس الاعتدال والضبط والعلاقة الجيدة مع الخليج و…و…، وكان البعض منها يذهب أبعد من ذلك بكثير حول إمكانية التوظيف والاستخدام، وثم التصفية أي الخلاص منهم بعد نفاد الدور المرسوم.

الأخطر مما مضى، هو عدم أخذ العبر، وهذا ما نشهده اليوم تحديدا في ما يجري في سوريا، سواء على جبهات القتال، أو في المفاوضات، أليس دفن الرأس الممارس اليوم في التراب إمعانا في السياسة نفسها؟

أليس تغطية جهات تكفيرية على صلة بالقاعدة أو داعش، والإصرار أنها معارضة معتدلة ممارسة لنفس لعبة لحس المبرد التي أوصلت إلى الارهاب في مدن اوروبا؟

أليس تغطية تصنيف حزب الله  كمنظمة إرهابية، وهو المقاتل الشرس للارهاب، استمرارا في تشجيع ممولي الإرهاب وداعميه كما دعم هذه المنظمات إياها؟

أليس استمرار الصمت على أدوار دول معروفة بدورها التمويلي، وبفكرها وبشبابها، لا بل إعطاءها صكوك براءة بين الحين والآخر تشجيعا ومشاركة في عدم قطع دابر الإرهاب؟

الدور الروسي في مواجهة الإرهاب كان الأفعل على المستوى الدولي، وكذلك الدور الإيراني على المستوى الاقليمي، أما انخراط سوريا بشعبها وجيشها، وكذلك المقاومة في لبنان، فكان هو الدور الأبرز في التصدي والتضحية ودفع الأثمان.

أوروبا اليوم أمام مفصل في مواجهة هذه الآفة ،وعلى موقفها سيتوقف الكثير من الخيارات، وما تصريح وزير خارجية ألمانيا في روسيا حول ضرورة المحافظة على علمانية الدولة السورية، إلا مؤشر يمكن البناء عليه أو “تنفيسة” تذكر بمواقف قيلت من قبل.

لا يمكن مواجهة الإرهاب، وفي الوقت نفسه العمل ليلا ونهارا ضد من يقاتله فعلا وعلى الارض، من روسيا إلى المقاومة مرورا بإيران وسوريا.

Author: Firas M

Share This Post On

Submit a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Top

Pin It on Pinterest

Share This

مشاركة

شارك هذا المقال مع صديق!