ودّع لبنان شهداء الجيش الذين قتلتهم المجموعات الإرهابية في جرود عرسال شرق البلاد عام 2014 في مأتم رسمي مُهيب أقيم في وزارة الدفاع بمشاركة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيسي البرلمان والحكومة نبيه بري وسعد الحريري وقادة الأجهزة الأمنية وعوائل الشهداء العشرة، الذين استُعِيدَت جثامينهم من تنظيم داعش الإرهابي خلال معركة تحرير الجرود التي خاضها الجيش اللبناني من الجهة اللبنانية والمقاومة اللبنانية والجيش السوري من الجهة السورية في آب/ أغسطس الفائت وأدّت إلى تحرير الجرود من الجماعات الإرهابية .
وفي يوم حداد وطني على شهداء الجيش العشرة في مواجهة مع الإرهاب ألقى اللبنانيون النظرة الأخيرة على نعوش الشهداء وسط مطالبة رسمية وشعبية بضرورة استكمال التحقيق المفتوح في هذا الملف، لمعرفة الظروف التي أدّت إلى خطف العسكريين والسماح للجماعات الإرهابية بنقلهم إلى الجرود، وفي السياق تواصل الأجهزة الأمنية حملة توقيفات لعدد من المُشتبه فيهم في خطف العسكريين مطلع آب/ أغسطس عام 2014، وكذلك مُهاجمة مراكز الجيش في عرسال على الحدود مع سوريا.
وتحدّث قائد الجيش العماد عون في المناسبة مُثنياً على تضحيات شُهداء الجيش وذكّر بأهمية حضور ومواكبة الرئيس عون انطلاق عملية “فجر الجرود” وما كان لها من أثر كبير لدى الجيش.
وأثنى قائد الجيش العماد جوزف عون على دعم الرئيسين بري والحريري للجيش في معركة تحرير الجرود، وأكّد “أن وحدة أراضي لبنان يصونها الجيش وحده وشهداؤه، والنصر على الإرهاب آتٍ لا محالة، أيها الشهداء فرحتنا بالانتصار على الإرهاب تبقى حزينة، فقد كنا نأمل في تحريركم سالمين إلا أن يد الإرهاب الوحشي وضعتكم شهداء أجلّاء. سنبقى مرفوعي الأاس بكم لأنكم أول المُضحّين في هذه المعركة. أيها الجنود الأبطال أطلقت عملية فجر الجرود وتحقّقت أهدافها”.
أضاف: “كانت المعركة نظيفة وبطولية، سنوات الانتظار كانت ثقيلة ولكنكم لم تفقدوا ثقتكم بالمؤسّسة العسكرية ولا تزال أمامنا تضحيات كبيرة، ومن الآن وصاعداً سينتشر الجيش على الحدود الشرقية.
وردّ الجيش مستقبلاً سيكون هو نفسه لكل مَن يتعرّض للسّلم الأهلي والعيش المُشترك والجيش سيكون في أعلى جهوزيّة للدفاع عن الوطن”.
وأكّد أن شهادة العسكريين وساماً يُعّلق على الصدور وختم ” باسم العسكريين المخطوفين وتحرير الجرود انطلقت معركة فجر الجرود”.
وأشار إلى مواصلة مُكافحة ” الخلايا الإرهابية السرطانية”، وتوجّه إلى عوائل الشهداء” بتضحيات أبنائكم خُضنا معركة فجر الجرود وكانت سنوات الانتظار طويلة وقاسية، وإن العسكريين الشهداء كانوا عنوان معركة فجر الجرود، وفرحتنا تبقى حزينة وكنا نأمل أن يعودوا إلى جيشهم” وكشف “أن الجيش سينتشر على الحدود الشرقية للدفاع عنها”.
وكرّر التزام لبنان بمُندرجات القرار 1701 وقال” على الرغم من الانتصار لا تزال أمامنا تضحيات كبرى ونؤكّد التزامنا التام بالقرار 1701 وردّ الجيش مستقبلاً سيكون هو نفسه على كل مَن يحاول العَبَث بالسيادة الوطنية (…) وإن الجيش سيكون على مسافة واحدة من جميع الأفرقاء في الاستحقاقات الدستورية (…)”.
بدوره أكّد الرئيس عون” إن مشاعر الألم والحزن تمتزج في هذه المناسبة مع مشاعر الفخر والاعتزاز. وكان شهداؤنا في حياتهم مصدر فخر
واعتزاز في عائلاتهم”. وتوجّه إلى العسكريين الشهداء “أيها العسكريون الشهداء أعلنكم شهداء ساحة الشرف. بشهادتكم تكبر الأوسمة ويكبر الوطن”، ولعائلاتهم قال “عهدي لكم أن دماء أبنائكم أمانة لدينا حتى تحقيق الأهداف التي استشهدوا من أجلها وحتى جلاء كل الحقائق”، وختم ” شهداؤنا واجهوا الخطر والتحديات بعزم وإيمان غير آبهين بما ظلّل تلك المرحلة من غموض في مواقف المسؤولين سبَّبت جراحاً في جسم الوطن”.
وختاماً حُمِلَت النعوش إلى ساحة العلم وبعدها تقبّل أهالي الشهداء التعازي ومن ثم نُقِلَت النعوش إلى ساحة رياض الصلح في وسط بيروت قبالة
السرايا الحكومية حيث ودّع الأهالي شهداءهم أمام خيم الاعتصام المفتوح التي بدأ بعد أسابيع على خطف العسكريين وللتذكير بقضيتهم على مدار 3 سنوات، عِلماً أن 16 عسكرياً تحرّروا مطلع كانون أول / ديسمبر عام 2015، وظلّ تسعة آخرون مجهولي المصير إلى أن اعترف أحد عناصر داعش بمكان دفنهم بعد استسلامه للمقاومة في معركة الجرود، ومن ثم أُجرِيت الفحوص الطبية وتبيّن أنها للعسكريين اللبنانيين وإنهم استشهدوا قبل أكثر من عامين .