فككت السلطات الإسبانية الأسبوع الأخير شبكة لتهريب البشر كانت تنشط بين سواحل طنجة ونظيرتها الإسبانية، مستخدمة في ذلك دراجات مائية. وكانت شرطة الحدود الأوروبية حذرت مدريد من احتمال تدفق المهاجرين من شمال أفريقيا. ويختار المهاجرون التوجه لأوروبا انطلاقا من السواحل المغربية لقرب المملكة من القارة العجوز ونظرا للوضع الصعب في ليبيا.
أظهرت الكثير من التقارير تدفق المهاجرين مجددا على السواحل الإسبانية قادمين خاصة من المغرب. ويختار المهربون تحويل المهاجرين نحو هذا البلد لقربه من أوروبا، وبسبب الظروف الصعبة في ليبيا. ويحاول هؤلاء استخدام جميع الوسائل المتاحة لكسب المزيد من المال، حتى لو كان ذلك على حساب أرواح المهاجرين.
ولجأ المهربون هذه المرة لاستخدام الدراجات المائية انطلاقا من التراب المغربي لعبور المتوسط نحو الأراضي الإسبانية، ونجحت مدريد الأسبوع الأخير في تفكيك شبكة من هذا النوع، واعتقلت خمسة أشخاص.
وتعتقد الناشطة المغربية في مجال الهجرة رجاء مرسو أنها “لربما المرة الأولى التي يستخدم فيها المهربون هذه الطريقة في تهريب المهاجرين” انطلاقا من السواحل المغربية، مشيرة إلى أن المهاجرين قد يكونون من جنسيات مختلفة بينهم مغاربة، كما هو شأن المهربين الذين لم تعرف جنسياتهم أيضا.
مهاجرون يدفعون أموالا باهظة
وقالت الشرطة الإسبانية في بيان تناقلته وسائل إعلام مختلفة أن المهاجرين دفعوا إلى الشبكة نحو ستة آلاف يورو مقابل الشخص الواحد. وقام المهربون، الذين كانوا ينطلقون من سواحل مدينة طنجة المغربية، بنقل شخصين في كل رحلة، تستغرق 10 دقائق، فقط إلى قاديس وملقة.
وأظهرت التحقيقات أن المهاجرين يدفعون نصف ثمن الرحلة قبل العبور والنصف الثاني بعد وصولهم إلى التراب الإسباني، باتفاق مسبق مع المهربين، الذين يستخدمون جيب سبتة كقاعدة خلفية لهم، فيما يختارون الانطلاق من السواحل المغربية إلى الضفة الأخرى.
ومبلغ ستة آلاف ليس بالهين، فيما يجهل مصدر الأموال التي يدفعها المهاجرون للمهربين قصد التوجه إلى أوروبا، خاصة وأن الكثير منهم يعيشون أوضاعا صعبة في عدة مناطق مغربية، ويلتجؤون إلى التسول في الشوارع، إلا أن هذا لا يعني عدم وجود مهاجرين لديهم الإمكانيات المادية التي تسمح لهم بدفع مبالغ بهذا القدر.
وترى مرسو أن أسر المهاجرين يمكن أن تلعب دورا حاسما في تقديم المال لهؤلاء بهدف الهجرة السرية، و”يوجد بينهم من يتوصلون من مساعدات مالية من عائلاتهم بدول أفريقية”، لاسيما أن طرق تحويل الأموال من بلد لآخر تطورت بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
إبعاد المهاجرين إلى مناطق نائية
واختيار المهربين للسواحل المغربية لاسيما منطقة طنجة له تفسير جغرافي، تعبر عنه مرسو بقولها “لربما المنطقة الأسهل” للعبور نحو إسبانيا، إلا أن السلطات المغربية شددت مؤخرا مراقبتها على السواحل الشمالية والمناطق الحدودية مع سبتة ومليلية. وتناقص بشكل ملموس عدد المهاجرين في غابة بليونش القريبة من طنجة، حيث تقوم السلطات بإبعادهم إلى مناطق أخرى من البلاد بعيدا عن الجهات الشمالية القريبة من البحر الأبيض المتوسط.
وقامت السلطات المغربية بنقل مهاجرين إلى جنوب المملكة بتنزيت وأكادير، وبداخل البلاد في مكناس، لكن مدن المملكة لا تتوفر على بنيات تحتية تمكنها من استقبال هؤلاء المهاجرين، وهي “مفارقة بين الخطاب الرسمي حول الهجرة والواقع”، تقول مرسو، حيث يبقون في الشوارع. وتجد جمعية “الأيادي المتضامنة” الإنسانية التي تنشط في شمال البلاد لصالح المهاجرين صعوبات بالغة في تقديم المساعدة لهم، بسبب “المضايقات التي تتعرض لها في غابة بليونش”.
ووصل إلى إسبانيا خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي نحو 10751 مهاجرا، بزيادة نسبتها 104 بالمئة عن نفس الفترة من العام الماضي. وحذرت شرطة الحدود الأوروبية “فرونتكس” في وقت سابق مدريد من احتمال تزايد تدفق المهاجرين نحو أراضيها انطلاقا من شمال أفريقيا.