رغم انعدام الخدمات الرئيسية وشدة الدمار الذي طال مدينة سنجار والمناطق التابعة لها، إلا أن الفتاة الأيزيدية نادية إلياس، قررت مع عائلتها العودة إلى مجمع خانسور التابع لسنجار، شمال غرب الموصل. جاءت العودة أسبوعا واحدا فقط قبل الذكرى الثالثة لحتلال المدينة من قبل مسلحي تنظيم داعش صيف سنة 2014.
قوات من كل الأطراف
تصف نادية مدينتها بأنها “غير مستقرة بصورة عامة”. تقول لموقع (إرفع صوتك) “لا توجد قوة عسكرية واحدة على الأرض في قضاء سنجار. هناك خلافات بين القوى المتعددة التي تتواجد في حدود قضاء سنجار”.
وتمكنت قوات البيشمركة التابعة لإقليم كردستان العراق في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 2015 من تحرير سنجار من مسلحي تنظيم داعش بدعم من طيران التحالف الدولي. وطالبت البيشمركة القوات الأخرى، وعلى رأسها مسلحو حزب العمال الكردستاني (أكراد تركيا) ووحدات حماية الشعب التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري (أكراد سورية)، بترك حدود المدينة لكنها لم تجد أي إستجابة من هذه القوات.
وتسبب وجود مسلحي العمال الكردستاني على أراضي سنجار في غضب حكومة أنقرة، التي هاجمت طائراتها الحربية في 25 نيسان/أبريل الماضي مقرات حزب العمال على جبل سنجار الاستراتيجي. وما زالت تركيا تهدد باجتياح بري لسنجار فيما إذا استمر حزب العمال الكردستاني في الإبقاء على قواته فيها.
وفي 26 أيار/مايو الماضي، حررت قوات الحشد الشعبي عددا من القرى الواقعة جنوب سنجار في إطار عمليات تحرير مدينة الموصل. ومع وصول الحشد الشعبي إلى حدود سنجار، أصبح القضاء مقسما إلى ثلاثة مناطق أمنية تسيطر عليها كل من قوات البيشمركة من جهة والعمال الكردستاني مصحوبا بوحدات حماية الشعب السوري من جهة ثانية، إضافة الى الحشد الشعبي من جهة ثالثة.
ولا تخفي نادية مخاوفها من اندلاع صراع مسلح بين هذه القوى مستقبلا، مؤكدة أن هذه المخاوف، إلى جانب نقص الخدمات الأساسية، هي السبب الرئيسي في تأخر عودة نازحي سنجار إلى منازلهم.
مدينة منكوبة
تشير آخر إحصائية للمديرية العامة لشؤون الأيزيدية في وزارة أوقاف حكومة إقليم كردستان إلى أن أعداد الأيزيديين في سنجار، قبل احتلالها من قبل داعش في آب/أغسطس 2014، كانت تبلغ نحو 550 ألف نسمة، نزح منهم 360 ألفا إلى إقليم كردستان بعد مجيء التنظيم، بينما غادر 90 ألف خارج العراق.
وقتل تنظيم داعش قرابة 1293 أيزيدي حتى الآن، فيما بلغت أعداد المقابر الجماعية المكتشفة 43 مقبرة جماعية، إضافة إلى العشرات من المقابر الفردية. أما أعداد المختطفين فتجاوزت 6400 شخص غالبيتهم من النساء والأطفال، نجا منهم 3092 شخص، بينما لا يزال هناك ما يقارب 3325 أيزيدي في قبضة التنظيم المتطرف.
وصنف البرلمان العراقي سنجار منطقة منكوبة في نيسان/ أبريل من عام 2016. يقول قائمقام سنجار، محما خليل، لموقع (إرفع صوتك) “سنجار منطقة منكوبة وفق القرارات الأممية والإقليمية والمحلية وبموجب القرار الصادر عن مجلس النواب العراقي”.
ويتابع، معبرا عن أسفه، “تحتاج إلى أكثر من 10 مليارات دولار لإعادة إعمارها.. (لكن) بغداد لم تتعامل معنا بحجم الكارثة. منذ ثلاث سنوات والحكومة العراقية مقصرة وغائبة تماما عن سنجار”.
ويؤكد خليل “سنجار مقسمة إلى ثلاث مناطق أمنية. كان الأجدر بالحكومة العراقية، كما عملت مع بقية المدن المحررة، أن تسلم هذه الرقعة الجغرافية بكامل حدودها الإدارية إلى الحكومة المحلية في سنجار. لكنها لم تفعل ذلك”
ويلقي خليل باللوم في غياب الخدمات والأمن على السياسة الحكومية. يقول “الصراع السياسي حال دون عودة السكان إلى مناطقهم. فنسبة العودة لم تتجاوز حتى الآن 8 في المائة. وهذا يشمل مركز المدينة وجميع المناطق الواقعة في حدودها الجغرافية”.