في عهد ترامب الفتي ،،، انتعاش النزعات العنصرية و«مأسسة» التيارات المتشدِّدة


يواصل الرئيس دونالد ترامب جهوده لتقويض دعائم المؤسسة الأميركية ورمي سهامه في اتجاهات متعدّدة في آن واحد، بدءاً بحملة شرسة لترحيل الوافدين وتضييق الشروط على المعابر الحدودية والمطارات، ومروراً بعزمه على بناء الجدار الفاصل على الحدود المشتركة مع المكسيك، إلى تصعيد حدة الصدام مع روسيا على المسرح الدولي.

في عهد ترامب الفتي شهد الداخل الأميركي انتعاش النزعات العنصرية و«مأسسة» التيارات المتشدِّدة بظهوره المباشر مخاطباً أحد أهمّ أركان الحزب الجمهوري، تيار «ما بعد» المحافظين، وتعهُّده بإعادة هيكلة الحزب ليميل بشدة باتجاه التيارات الأكثر رجعية وإقصائية.

الأمر الذي لا جدال فيه هو تلقي ترامب صفعة قوية من مناوئيه داخل المؤسسة الاستخباراتية، بالدرجة الأولى، وانصياعه لضغوطها بالتخلي عن مستشاره السابق لشؤون الأمن القومي مايك فلين. وما لبث أن عين جنرالاً آخراً من صفوف العسكرين هو ماكماستر، للمنصب الشاغر، والذي لقي ترحيباً عالياً من مختلف الأوساط المعنية.

بيد أنّ المُحصِّلة العامة لا تزال تشير إلى استمرار حالة الصراع بين ترامب من ناحية، وأركان الدولة العميقة، كما أضحى متداولاً. تعيين مكماستر يؤشر أيضاً إلى تخلي الرئيس ترامب عن إدارته دفة السياسة الخارجية وتراجعه عن وعوده بالانفتاح على الخصوم الدوليين.

سيستعرض قسم التحليل آفاق وأبعاد تعيين الجنرال في منصب بالغ الحساسية للاستراتيجية الأميركية الكونية، خاصة أنه يعد من «أفضل الكفاءات الفكرية والعسكرية» معاً، والتوجُّهات السياسية المرتقبة، لا سيما ما يتعلق بتناقض التصريحات الأميركية حول التعامل مع روسيا وترجيح خطاب العداء والصدام معها، وانعكاساته على الساحات الدولية الأخرى.

الترسانة العسكرية الأميركية

أشاد مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بتعيين الجنرال ماكماستر لمنصب مستشار الأمن القومي للرئيس ترامب، نظراً لما يمثله من رؤيا عسكرية تتمحور حول تعزيز الهيكلية العسكرية الأميركية عدداً وعتاداً. واستحدث المركز نصّ محاضرة ألقاها ماكماستر أمام المركز العام الماضي طلائع الحرب المقبلة، مؤكداً فيها ما اعتبره «تحولات جيوسياسية عالمية رافقها تهديدات خطيرة رفعت وتيرة المخاطرة لنشوب أزمة عسكرية عالمية كبيرة، ربما لأعلى مستوى خلال 70 عاماً مضت». وأوضح أنّ تلك التهديدات أتت نتيجة «تخفيضات كبيرة في القدرات الأميركية لتحديث ترسانة قوات الجيش بشكل محدّد».

استعرض معهد المشروع الأميركي ما اعتبره الفجوة الراهنة في سلاح حاملات الطائرات الأميركية «وتراجع قدرتها على تغطية مناطق حساسة مثل الشرق الأوسط»، مناشداً صنّاع القرار «الإسراع في بناء حاملات جديدة»، وكذلك قيادة سلاح البحرية لتعديل الاستراتيجية الراهنة حول «نشر وإقامة قواعد ثابتة .. وضرورة العمل وفق استراتيجية انتشار طويلة الأجل لنشر الحاملات حول العالم، بمن فيها في اليابان وأستراليا .. وما تستدعيه من نشر مجموعة حاملات ضمن مرمى الصواريخ الباليستية الصينية بعيدة المدى». واستدرك بالقول إنّ «مهام الانتشار لسلاح البحرية كانت مسنودة بمجموعة حاملات نووية منذ الحرب العالمية الأولى .. وإدخال أي تعديل يستدعي التغلب على العقيدة العسكرية الراهنة وأفاق التوقعات لدى كبار القيادات العسكرية لناحية التوفر الفوري للحاملات كدليل على مدى الحزم الأميركي».

كما انضم معهد كاتو إلى مجموعة المطالبين «بتطوير الجهوزية العسكرية الأميركية التي لا تشترط إنفاق مزيد من الأموال». وأوضح أنّ تحقيق ذلك يستدعي اعتماد إجراءات من شأنها توفير الأموال المطلوبة وتعديل توجهات الاستراتيجية الراهنة لناحية «تقليص حجم التوقعات المطلوبة من الترسانة العسكرية وتعديل سلم الأولويات، عوضاً عن السعي إلى تحقيق الاستقرار في معظم أنحاء الكرة الأرضية .. باستطاعة الكونغرس اتخاذ قرار يلغي بموجبه الهدر المستمر على أنظمة معقدة بالغة الكلفة مثل مشروعي سفن حرب السواحل ومقاتلات أف-35 تقليص الإنفاق على القواعد الفائضة عن الحاجة يواكبه إبطاء معدل النمو في كلفة أعداد القوات المسلحة».

سورية

تناول مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الخيارات المتاحة أمام إدارة الرئيس ترامب في سورية التي تتلخص في «خيارين كلاهما غير مرغوب فيه .. الأول يكمن في التخلي عن سورية لصالح الأسد وحلفائه .. وما يرافقه من كلفة بشرية هائلة والثاني يرتكز على البحث في سبل حل لتعزيز النفوذ الأميركي في سورية، وما يفترضه من زيادة وتيرة النشاطات العسكرية وانخراط الولايات المتحدة في دور ديبلوماسي دائم وما يرافقه من مغامرة تصعيد للصراع مع روسيا . واستدرك بالقول إنّ مرحلة الصراع الراهنة تستدعي من الولايات المتحدة «الانخراط التام .. الخيارين كلاهما غير محبب، لكن يتعين على الولايات المتحدة أن تختار أحدهما».

العراق

استعرض معهد أبحاث السياسة الخارجية عوامل الاستقرار المطلوب تثبيتها في العراق «في أعقاب الصراع الجاري ضدّ داعش». واعتبر المعهد أنه يتعيّن على الحكومة العراقية الموافقة على شروط أميركية ثلاثة: أولاً «استمرار الدعم العسكري والاقتصادي مرهون بإنشاء قوة عسكرية متماسكة بتعدُّدية طائفية، تطوير جهاز للحرس الوطني ما يسمح بانخراط قوات سنية، ونزع الشرعية عن أي مجموعة غير مرخصة أو ميليشيا مستقلة ثانياً، استناداً إلى واقع أنّ العراق يعتمد على تدفق الأسلحة الأميركية لمحاربة داعش، فينبغي استغلاله للمطالبة بتحقيق إصلاحات سياسية كمنصة انطلاق على طريق الاستقرار الشامل، تعزيز جهود انخراط ودمج السنة في النظام السياسي للعراق ومناهضة وتشكيل توازن أمام النفوذ الإيراني في العراق أخيراً، ينبغي على الولايات المتحدة تبني جهود تحقيق الاستقرار في مرحلة ما بعد انتهاء الصراع وإعادة الإعمار .. بمشاركة من أطراف التحالف والعمل مع الحكومة العراقية لفض الخلافات حول مسائل اللامركزية، وآلية الحكم، والأمن، والسيادة على الأراضي».

الأردن

سلّط معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى الأضواء على الاضطرابات الداخلية التي يواجهها الأردن، وما ينبغي على الولايات المتحدة القيام به «لحمايته من الفوضى .. إذ إنّ المملكة ليست مُحصَّنة من تداعيات حالات الهيجان الإقليمية». وأوضح أنّ «استمرار الاستقرار في الأردن ينبغي أن ينال مرتبة اهتمام عاجلة عند صُنّاع السياسة الأميركية، ليس بفضل اتفاقية السلام المعقودة مع «إسرائيل» فحسب، بل لكونه حليفاً موثوقاً في حرب العقائد ضدّ التطرف الإسلامي .. ويشكل قاعدة أساسية لعمليات سلاح الجو الأميركي ضدّ داعش في سورية». وناشد المعهد توفير الدعم الأميركي للأردن في مجالات عدة على «المستوى الأمني والمستوى السياسي وتشجيع مزيد من آفاق التعاون الأردني ـ «الإسرائيلي» وعلى الصعيد الاقتصادي بمساعدته على استحداث فرص عمل محلية وتشجيع استثمار الشركات الأميركية في المملكة تحسين أوضاع اللاجئين السوريين الذين قد تبقى أعداد كبيرة منهم في الأردن «لسبع عشرة سنة على الأقل»، وينبغي على واشنطن الضغط على حلفائها الأوروبيين والعرب لزيادة الدعم السنوي المقدم لميزانية الأردن بقيمة مليار دولار».

لقاء ترامب ونتنياهو

تناولت مؤسسة هاريتاج اللقاء الرسمي الأول بين الرئيس ترامب ونتنياهو وما تمخّض عنه من نتائج حول جملة من المسائل التي تصب في صميم «العلاقات الأميركية الإسرائيلية». وحثّ المعهد الرئيس ترامب على «التنسيق واستشارة نتنياهو في مسألة توقيت إعلان نقل السفارة الأميركية .. كما يتعيّن على الولايات المتحدة توضيح الموقف من مسائل ترسيم الحدود والوضع النهائي للقدس بأنهما يخضعان لما ستتمخّض عنه المفاوضات بين الجانبين وكذلك توضيح مسألة السفارة للفلسطينيين بأنها لا تتنافى مع إنشاء دولة فلسطينية، إذ أنّ القنصل الأميركي الحالي في القدس الشرقية سيستمر في عمله كممثل أميركي لدى السلطة الفلسطينية وأيضاً أنه لن يطرأ أي تعديل على وضع الأماكن المقدسة الإسلامية التي سيستمر الأردن في الإشراف عليها».

Author: fouad khcheich

Share This Post On

Submit a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Top

Pin It on Pinterest

Share This

مشاركة

شارك هذا المقال مع صديق!