ذكرت صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الروسية أن مستشار الأمن القومي الأميركي الجنرال مايكل فلين، قدّم استقالته، بعد تسريب تفاصيل محادثاته الهاتفية مع السفير الروسي في واشنطن إلى وسائل الأعلام.
وجاء في المقال: لم يكد يمضي شهر واحد على دخول إدارة رئيس الولايات المتحدة الخامس والأربعين دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حتى خسرت أول كوادرها. ففي يوم الاثنين الماضي، 13/02/2017، تنحى مستشار رئيس الدولة في قضايا الأمن القومي الجنرال مايكل فلين.
ومايكل فلين، البالغ من العمر 58 سنة، رجل عسكري اشتهر اسمه وراء المحيطات، «كشخص مقرّب من الكرملين». على سبيل المثال في حفل الاستقبال على شرف الذكرى السنوية لقناة روسيا اليوم، كان يقف إلى جانب الرئيس بوتين . لهذا كان مسؤولاً عن الاتصالات مع الكرملين، بما فيها الاتصالات غير الرسمية . وبهذه الصفة اتصل فلين عبر الهاتف مراراً بالسفير الروسي في واشنطن سيرغي كيسلياك، في الفترة، التي تلت فوز ترامب بالمنصب الرئاسي في انتخابات تشرين الثاني الماضي.
وكان كل شيء يمكن أن يبقى عادياً، لو لم تُسرَّب تفاصيل محادثاته الهاتفية إلى الصحافة قبل فترة وجيزة، وتتسبب بفضيحة خطيرة. إذ اتضح في ما بعد أن الجنرال طلب من السفير الروسي في واشنطن «ألا تتخذ موسكو إجراءات جوابية قاسية» ردّاً على خطوات باراك أوباما الأخيرة ضدّ روسيا، عشية تركه مقعد السلطة.
وبالفعل، عندما أمر الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، يوم 29 كانون الأول، بطرد 35 دبلوماسياً روسياً، تجنّبت موسكو اتخاذ إجراءات جوابية متماثلة، ودعت أطفال الدبلوماسيين الأميركيين إلى الاحتفال بشجرة رأس السنة في الكرملين… ولكن هذا ليس كل شيء: الجنرال فلين، في مجرى حديثه المسجّل مع السفير الروسي كيسلياك، اعترف بإمكانية رفع العقوبات عن روسيا بعد أن يصبح ترامب رئيساً رسمياً للولايات المتحدة. وعندما سرّب «فاعلو الخير» تفاصيل هذه المحادثات الهاتفية إلى وسائل الإعلام، نفى في البداية نائب الرئيس مايك بنس كل ذلك قائلاً إن هذا ليس صحيحاً، وإن فلين لم يقل شيئاً مما تدّعون، الأمر الذي ساهم بشكل مباشر في تضخيم حجم الفضيحة.
وبحسب «سي إن إن»، فإنّ الجنرال أكد في كتاب استقالته، «أن عدم إبلاغي نائب الرئيس مايك بنيس عن التفاصيل الكاملة كافة لمحادثاتي الهاتفية مع السفير الروسي لم يكن مقصوداً. وإنني أقدم اعتذاري العميق إلى الرئيس ونائبه».
من جانبه، قال الخبير في شؤون الولايات المتحدة، الأستاذ المساعد في الجامعة المالية لدى الحكومة الروسية غيفورغ ميرزايان إن هذا الحدث شكل لطمة قوية للرئيس دونالد ترامب، لأن القضية ليست في مناقشة مستشار الأمن القومي مايكل فلين مع السفير الروسي مسألة رفع العقوبات، بل في إخفائه تفاصيل هذه المحادثات عن نائب الرئيس، ما أجبر الأخير على الكذب أمام الصحافيين. ومن الواضح تماماً أن هذا الحدث سوف يلحق الضرر بالعلاقات الروسية ـ الأميركية. هذا على رغم أنّ موضوع رفع العقوبات سوف يناقشه الرئيسان بوتين وترامب خلال اللقاء الشخصي المقرّر عقده قريباً.
أما المحلل السياسي في منظمة المراقبة الدولية «CIS-EMO» ستانيسلاف بيشوك، فيقول إن تشديد نظام العقوبات، حتى الآن لم يحدث، وهذا أمر جيد. بيد أن التعاون بين الدولتين في مكافحة الإرهاب بدأ يؤتي أُكله منذ اليوم الأول لاستلام ترامب مهماته الرئاسية. وأن هذا التعاون المشترك سوف يستمر. ولكن مفهوم «معاداة روسيا» ترسخ وراء المحيطات على مدى زمن طويل، والسيد فلين أصبح ضحيته.
في حين يشير المحلل السياسي الخبير في الشؤون الأميركية فيكتور أوليفيتش إلى أن جنرالاً آخر أصبح قائماً بأعمال مستشار الأمن القومي وهو جوزف كيث كيلوغ، الذي كان سابقاً قائداً لفرقة الإنزال الجوية «82» الوحدة العسكرية الشهيرة، التي شاركت تقريباً في كل حروب القرن العشرين الأميركية الضخمة . ولا يستبعد الخبير أن يكون زميل فلين شخصية انتقالية فقط. وعلى العكس من ذلك، فإن لدى عسكري آخر هو الفريق البحري روبرت هارفرد حظوظاً غير قليلة. بيد أن المرشحين الاثنين لا يستطيعان الافتخار باتساع الأفق، أو بمستوى فهم المصالح الروسية في الاتصالات مع الكرملين، الميزتين اللتين كانتا الجانب القوي لدى فلين. ولذا، من الواضح أن لا داعي لانتظار اختراق في العلاقات الروسية ـ الأميركية في هذا المضمار.