في عالم كان الاتحاد السوفيتي هو المسيطر وصاحب الكلمة العليا، لم يكن هناك صوت مسموع في الاتحاد الذي تهابه كبريات الدول إلا صوت “الكي جي بي”، الذي تفكك في 11 أكتوبر 1991عقب انهيار الاتحاد السوفيتي.
بعد نجاح الثورة البشلفية في الاتحاد السوفيتي الوليد عام 1917، قرر البلاشفة تأسيس جهاز المخابرات السوفيتي برئاسة فليكس دزرجيمسكي وإشراف الرئيس فلاديمير لينين، متخذا من السيف والدرع شعارا له.
منذ إنشاء الجهاز وهو يوصف بأنه “سيف ودرع” للثورة البلشفية 1917 والحزب الشيوعي. وقد حققت الاستخبارات السوفييتية نجاحات كبيرة جدا في مراحلها الأولى، حيث استطاع الجهاز استغلال حالة التراخي الأمني والسلام والطمأنينة التي تعيشها الدول الغربية كالولايات المتحدة وبريطانيا، وأن يزرع بداخل الأجهزة الحكومية بتلك الدول، بل وفي أجهزة الأمن بها أيضا، عملاء له.
نجح الجهاز في أن يقوم بزرع عملاء داخل جهاز الاستخبارات البريطاني نفسه، حتى إن رئيس قسم الاستخبارات المضادة ضد السوفيت كان عميلاً للجهاز. وظل العملاء السوفيت ينقلون أطنانا من الوثائق البريطانية إلى الجهاز فيما يتعلق بالأسرار العسكرية والسياسية والعلمية. لم يقتصر عمل الجهاز خارج الحدود، لكنه أيضا كان يراقب الحياة العامة في الاتحاد السوفيتي، ويناهض الثورات التي ضد النظام، ويقمع المعارضين النظام ومن يطلق عليهم أصحاب الأفكار الهدامة.
في 6 نوفمبر عام 1991 اضطلع رئيس الجهاز فلاديمير كريتشكوف على محاولة لاغتيال الرئيس السوفيتي ميخائيل غورباتشوف. وفي 23 أغسطس 1991 تم القبض على رئيس الجهاز وحل محله الجنرال فاديم باكاتين، الذي تم تكليفه بحلّ الجهاز نهائياً. وانتهى دور الاستخبارات السوفييتية في عالم بدون اتحاد سوفيتي.
ثعلب الكي جي بي
بحسب تصريحات سيرجي إيفانوف، كبير موظفي الكرملين، لصحيفة كومسومولسكايا برافدا الروسية والمنشورة في جريدة الأهرام المصرية عام 2013، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان أحد جواسيس الكي جي بي، وأنه زامل بوتين وتعلما معًأ أصول مهنة (الجاسوسية).
عمل بوتين ضابطا في الـكي جي بي لأكثر من16 عاما ووصل إلي رتبة مقدم، لكنه لم يتحدث بالتفصيل عن عمله، بدأ مسيرته في مركز مكافحة التجسس في لينينجراد، قبل أن يقضي فترة في معهد أندروبوف في موسكو وعمل أخيرا في دريسدن بألمانيا الشرقية. وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، ترك بوتين الـ كي. جي. بي لكنه عاد ليترأسه في ثوبه الجديد أف إس بي في عام1998 خلال رئاسة بوريس يلتسين واتخذ صديقه ايفانوف نائبا له.
أهم العمليات
قبل الحرب الباردة، كانت الولايات المتحدة هدفاً أقل أهمية لدى الجهاز من بريطانيا والدول الأوروبية، وكان الجهاز بطيئاً في تكوين شبكته هناك. لكن هذا تغير مع الحرب الباردة، فنشر الجهاز شبكة هائلة من العملاء في الولايات المتحدة. كان أهم نجاح للجهاز كما قلنا من قبل هو الحصول على سر القنبلة الذرية، والذي جعل الاتحاد السوفيتي يتحول إلى القطب المعادل للولايات المتحدة صاحبة القنبلة الهائلة التي أثارت الذعر في العالم أجمع.
صار الاتحاد السوفيتي هو الآخر يمتلك القنبلة، ويمنع الولايات المتحدة من استخدامها عن طريق استراتيجية الردع المتبادل. بالإضافة إلى القنبلة الذرية، فقد نقل العملاء السوفيت أسرار كثيرة من الاختراعات الأخرى، مثل المحركات النفاثة، والرادار، ووسائل التشفير، وغيرها الكثير.
ونتيجة للنجاحات الهائلة التي حققها الجهاز في الولايات المتحدة، فقد انتشر هناك ذعر عام من وجود العملاء السوفيت، فيما سمي بالذعر الأحمر، وانطلقت حملات قادها السيناتور “جوزيف مكارثي” (فيما عرف بعد ذلك باسم المكارثية) تشكك في نوايا كل شخص يصدر منه أي تعاطف مع الشيوعية، وكانت تشبه حملات التفتيش في العقول التي تقوم بها الدول الشمولية، مما أثار مواطني الولايات المتحدة الذين لم يعتادوا على ذلك، وإن كانت هذه الحملات قد ضعضعت كثيرا من موقف عملاء الجهاز في الولايات المتحدة.
وفي بريطانيا، استطاع الجهاز أن يقوم بزرع عملاء داخل جهاز الاستخبارات البريطاني نفسه، حتى إن رئيس قسم الاستخبارات المضادة ضد السوفيت كان عميلاً للجهاز. وظل العملاء السوفيت ينقلون أطنانا من الوثائق البريطانية إلى الجهاز فيما يتعلق بالأسرار العسكرية والسياسية والعلمية.
لم يقتصر عمل الجهاز خارج الحدود، لكنه أيضا كان يراقب الحياة العامة في الاتحاد السوفيتي، ويناهض الثورات التي ضد النظام، ويقمع المعارضين للنظام “ومن يطلق عليهم أصحاب “الأفكار الهدامة.
مرتبط